للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا توجّه إليها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وسأل عن اسمها فقيل: الضّيقة، فقال: «بل هي اليسرى» فخرج منها على نخب حتّى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة قريبا من مال رجل من ثقيف، قد تمنّع فيه، فأرسل إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «أما إن تخرج وإمّا أن نحرق عليك حائطك» [ (١) ] فأبى أن يخرج فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بإحراقه.

ذكر إعلامه- صلى الله عليه وسلّم- بقبر أبي رغال، وما وقع في ذلك من الآيات

روى ابن إسحاق، وأبو داود، والبيهقي عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال:

سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يقول: «حين خرجنا معه إلى الطّائف فمررنا بقبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «هذا قبر أبي رغال، وهو أبو ثقيف، وكان من ثمود، وكان بهذا الحرم يدفع عنه فلمّا خرج أصابته النّقمة الّتي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه» [ (٢) ] . قال: فابتدره الناس فنبشوه فاستخرجوا منه الغصن.

ذكر محاصرته- صلى الله عليه وسلّم- الطائف

قال ابن إسحاق- رحمه الله تعالى-: ثم مضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتّى نزل قريبا من الطّائف، فضرب عسكره، وأشرفت ثقيف على حصنهم- ولا مثال له في حصون العرب- وأقاموا رماتهم، وهم مائة رام، فرموا بالسّهام والمقاليع من بعد من حصنهم، ومن دخل تحت الحصن دلّوا عليه سكك الحديد محماة بالنّار يطير منها الشرر، فرموا المسلمين بالنّبل رميا شديدا، كأنه رجل جراد حتى أصيب ناس من المسلمين بجراح، وقتل منهم اثنا عشر رجلا، فارتفع- صلى الله عليه وسلم- إلى موضع مسجده اليوم، الذي بنته ثقيف بعد إسلامها، بناه أمية بن عمرو بن وهب بن معتب بن مالك، وكانت فيه سارية لا تطلع عليها الشمس صبيحة كل يوم حتى يسمع لها نقيض أكثر من عشر مرات، فكانوا يرون أن ذلك تسبيح، وكان معه من نسائه أم سلمة وزينب، فضرب لهما قبّتين وكان يصلّي بين القبّتين طول حصار الطائف كله، وقال عمرو بن أمية الثّقفي- وأسلم بعد ذلك، ولم يكن عند العرب أدهى منه- لا يخرج إلى محمد أحد إذا دعا أحد من أصحابه إلى البراز، ودعوه يقيم ما أقام، وأقبل خالد بن الوليد ونادى: من يبارز؟ فلم يطلع إليه أحد، ثم عاد فلم ينزل إليه أحد، ثم عاد فلم ينزل إليه أحد، فنادى عبد


[ (١) ] المغازي للواقدي ٣/ ٩٢٥.
[ (٢) ] أخرجه أبو داود (٣٠٨٨) وعبد الرزاق (٢٠٩٨٩) والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ١٥٦ وفي الدلائل ٦/ ٢٩٧، ٧/ ٤٩٧.