الباب الخامس في ذكر من توسل به- صلى الله عليه وسلم- بعد موته
روى الطبراني والبيهقي- بإسناد متّصل ورجاله ثقات- عن عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفّان في حاجة، فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة، فتوضأ ثمّ ائت المسجد فصلّ فيه ركعتين، ثم قال: اللهم إني أسالك وأتوجّه إليك بنبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- نبي الرحمة، يا محمّد إني أتوجّه بك إلى ربي فتقضي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح حتى أروح معك، فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان، فجاءه البواب حتى أخذ بيده، فأدخله على عثمان، فأجلسه معه على الطّنفسة، فقال: ما حاجتك؟ فذكرها له، وقال له: ما ذكرت حاجتك حتى كان الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فاذكرها، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلى حتى كلمته
فقال له عثمان بن حنيف: والله ما كلّمته، ولكني شهدت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأتاه ضرير، فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم-: [أو تصبر؟
فقال: يا رسول الله ليس لي قائد، وقد شقّ عليّ] فقال: ائت الميضأة فتوضّأ ثمّ صلّ ركعتين، ثم ادع بهذه الدّعوات.
فقال ابن حنيف: فو الله ما تفرّقنا، وطال بنا الحديث، حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قطّ [ (١) ] .
وقال الإمام النووي في «تهذيبه» في ترجمة «عقبه بن عامر» - رضي الله تعالى عنه-:
شهد فتوح الشّام، وكان البريد إلى عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- بفتح دمشق، ووصل إلى المدينة في سبعة أيّام، ورجع منها إلى الشام في يومين ونصف، بدعائه عند قبر النبي- صلى الله عليه وسلم-، وتشفّعه به في تقريب طريقه.
وقال الشيخ تقي الدين بن الصّلاح- في كلامه على بعض المسائل- لقد انتدب بعض العلماء لاستقصائها يعني: معجزاته- صلى الله عليه وسلم- فجمع ألف معجزة، وعددناه مقصّرا، إذ هي فوق ذلك بأضعاف لا تحصى، فإنّها ليست محصورة على ما وجد في عصره منها- صلّى الله عليه وسلم-، فلم تزل تتجدد بعده- صلى الله عليه وسلم- علي تعاقب العصور، وذلك أن كرامات الأولياء من أمّته وإجابات المتوسلين في حوائجهم ومعوناتهم، عقب توسلهم به في شدائدهم له براهين قواطع ومعجزات