عبيد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر يومئذ بين درعين، وكان شعار المسلمين يومئذ:«أمت أمت» .
[ذكر تهيئ المشركين للقتال]
وصفّ المشركون بالسّبخة، وتعبّئوا للحرب، وهم ثلاثة آلاف، معهم مائتا فرس قد جنّبوها، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وعلى المشاة صفوان بن أمية، ويقال: عمرو بن العاص، وعلى الرّماة عبد الله بن أبي ربيعة- وأسلموا كلهم- ودفعوا اللواء إلى طلحة بن أبي طلحة بن عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصيّ. وقال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار يحرّضهم بذلك: يا بني عبد الدار، إنكم قد وليتم لواءنا ببدر فأصابنا ما قد رأيتم، فإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم، إذا زالت زالوا، فإمّا أن تكفون لواءنا، وإما أن تخلّوا بيننا وبينه فنكفيكموه، فهمّوا به وتواعدوه وقالوا: أنحن نسلم إليكم لواءنا؟ ستعلم إذا التقينا كيف نصنع وذلك الذي أراد أبو سفيان.
[ذكر ابتداء الحرب واشتداد القتال]
أول من أنشب الحرب أبو عامر عبد عمرو بن صيفيّ الفاسق، طلع في خمسين من قومه ويقال: خمسة عشر، الذين ذهبوا معه إلى مكة، والأحابيش وعبدان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس أنا أبو عامر، فقالوا: لا أنعم الله بك عينا يا فاسق، بذلك سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يسمى في الجاهلية الراهب، فلما سمع ردّهم عليه قال: لقد أصاب قومي بعدي شرّ، ثم قاتلهم قتالاً شديداً، ثم راضخهم بالحجارة.
ولمّا التقى الناس، ودنا بعضهم من بعض، قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها، وأخذن الدفوف يضربن بها، فقالت هند فيما تقول: