للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثالث عشر في تكثيره صلى الله عليه وسلّم فضلة أزواد أصحابه رضي الله تعالى عنهم

روى الشيخان عن سلمة بن الأكوع والإمام أحمد ومسلم عن أبي هريرة وأحمد عن أبي الحسين الغفاريّ وابن سعد والحاكم وصححه عن أبي عمرة الأنصاريّ والبزّار والطبراني والبيهقي عن أبي الحسين العبديّ وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى وأبو نعيم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم- قالوا:.

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة بتبوك فأصاب الناس مخمصة شديدة، فاستأذن الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر بعض ظهورهم، وقالوا يبلغنا الله عز وجل فأذن لهم، فأخبر عمر رضي الله عنه- فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبيّ الله، ماذا صنعت؟ أمرت الناس أن ينحروا ظهورهم فعلى ماذا يركبون؟، قال: «فما ترى يا ابن الخطّاب؟» قال: أرى أن تأمرهم أن يأتوا بفضل أزوادهم فتجمعه في ثوب، ثم تدعو الله عز وجل بالبركة، فإن الله عز وجلّ سيبلغنا بدعوتك، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ببقايا أزوادهم، فجعل الناس يجيئون بالحثية من الطعام وفوق ذلك فكان أعلاهم من جاء بالصّاع من التمر، فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب ثم دعا لهم، ثم قال: «ائتوني بأوعيتكم» فملأ كلّ إنسان وعاءه ولم يبق في الجيش وعاء إلّا ملؤوه حتى إن الرجل ليعقد قميصه فيأخذ فيه وبقي مثله، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، وقال: «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله لا يلقى الله عبد مؤمن بها إلا حجبت عنه النّار [ (١) ] » .

قصة أخرى.

روى الطبرانيّ عن صفية أمّ المؤمنين رضي الله عنها قالت: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: «هل عندك شيء، فإني جائع» ، قلت لا، إلا مدّين من طحين قال: «فاسخنيه» فجعلته في القدر وأنضجته، فقلت: قد نضج ثم دعا ينحي ليس فيه إلا القليل فعصر حافتيه في القدر موضع يده فقال: «بسم الله ادعي أخواتك، فإني أعلم أنهن يجدن مثل ما أجد» فدعوتهنّ فأكلنا حتى شبعنا ثم جاء أبو بكر فدخل ثم عمر فدخل ثم جاء رجل فأكلوا حتى شبعوا وفضل عنهم [ (٢) ] .

قصة أخرى.

روى الإمام أحمد والبيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لمّا نزل


[ (١) ] تقدم انظر الدر المنثور ٢/ ٢٠ وابن كثير في التفسير ٢/ ٢٩.
[ (٢) ] انظر مجمع الروائد ٨/ ٣٠٩.