الباب الثالث في سيرته- صلّى الله عليه وسلم- في لدغة العقرب بالرقية
روى أبو نعيم في الطّبّ عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال: كان في المدينة رجل يكنى أبا مذكر، كان يرقي من العقرب، وينفع الله تعالى بها، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: يا أبا مذكر، ما رقيتك هذه؟ اعرضها علي، فقال أبو مذكر: شجنة قرنية ملحة بحر قفطا فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: أنه لا بأس بها، إنّما هي مواثيق أخذها سليمان بن داود على الهوامّ [ (١) ] .
قال ابن إسحاق: زادني رجل في هذه الرقية: شجنة قرنية ملحة بحر قفطا وقطيفة موسى معها والمسيح يلبسها، ما لنا أن لا نتوكّل على الله، وقد هدانا سبلنا ولنصبرنّ على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكّل المتوكّلون،
وقال محمد بن إسحاق: قرأت ما لا أحصي من هذه الرّقى: الرقية على العقرب، فوقعت لي فيه إن رجلا من الأنصار قال: أفي العقرب رقية؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل»
وفيه عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: لدغ رجل من الأنصار على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- فذكروه للنبي- صلى الله عليه وسلم- فقالوا:
ما نام فلان من لدغة أصابته من عقرب، فقال: أمّا إنه لو قال حين أمسى: أعوذ بكلمات الله التامّات كلّها من شر ما خلق لم يضرّه لدغة عقرب حتّى يصبح.
الباب الرابع في سيرته- صلّى الله عليه وسلم- في رقية النملة بفتح النون وإسكان الميم وهي قروح تخرج من الساق والجنب أو غيره
روى أبو نعيم في الطّبّ وأبو داود عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال للشفاء: «علّمي حفصة رقيتك» ، قال إسماعيل: قلت لمحمد بن المنكدر: وما رقيتها؟ قال: رقية النّملة.
وروى مسلم عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: رخّص رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الرقية من العين والنملة والحمة، وفي رواية: والأذن الخلّال أنّ الشفاء بنت عبد الله كانت ترقي في الجاهلية من النّملة فلمّا هاجرت إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- وكانت قد بايعته بمكة، قالت: يا رسول الله، إني كنت أرقي في الجاهلية من النّملة، فأريد أن أعرضها عليك فعرضتها، فقالت:
باسم الله صلو صلب خير يعود من أفواهها ولا تضرّ أحدا، اللهم، اكشف الناس ربّ الناس،
[ (١) ] ذكرها الحافظ في الإصابة ٧/ ١٧٣ وعزاه للحكيم الترمذي في نوادر الأصول وضعّفه.