للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به على نبينا عليه السلام من استمرار القوة في الكهولة إلى أن دخل في سنّ الشيخوخة ولم يدخل على بدنه هرم ولا عرا قوّته نقص، حتى أن الناس لما رأوه مردفا أبا بكر عند قدومه المدينة أطلقوا عليه اسم الشاب وعلى أبي بكر اسم الشيخ مع كونه عليه السلام في العمر أسن من أبي بكر.

[التنبيه الخامس والأربعون:]

قول موسى: «رب لم أظنّ أن ترفع عليّ أحدا- بفتح المثناة الفوقية و «أحدا» بالنّصب، ورواته في الصحيح بضم المثناة التحتية و «أحد» بالرفع. قال ابن بطال: «فهم موسى عليه الصلاة والسلام من اختصاصه بكلام الله تعالى في الدنيا دون غيره من البشر لقوله تعالى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي [الأعراف:

١٤٤] أن المراد بالناس هنا البشر كلهم، وأنه استحق بذلك ألا يرفع عليه أحد، فلما فضل الله تعالى محمدا عليه الصلاة والسلام من المقام المحمود وغيره ارتفع على موسى وغيره بذلك.

[التنبيه السادس والأربعون:]

قال ابن أبي جمرة: الظاهر أن القائل لموسى: «ما أبكاك» ؟

هو الباري تبارك وتعالى، يدل على ذلك قوله في الجواب: «ربّ [هذا غلام بعثته من بعدي، يدخل من أمته الجنة أكثر مما يدخل من أمتي» ] .

[التنبيه السابع والأربعون:]

أكثر الروايات على أن موسى عليه الصلاة والسلام في السماء السابعة بتفضيل الله تعالى، وهذا مطابق لقوله تعالى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي وهذا يدل على أن شريكا ضبط كون موسى في السابعة، وحديث أبي ذر يوافقه فإن فيه [فيما رواه ابن شهاب الزهري عن أنس بن مالك قال: «فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم صلوات الله عليهم] ولم يثبت منازلهم، غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السماء السادسة» . فإن قلنا بالتعدد فلا إشكال ومع عدمه فقد يجمع بأن موسى كان حالة العروج في السماء السادسة وإبراهيم في السماء السابعة على ظاهر حديث مالك بن صعصعة وعند الهبوط كان موسى في السابعة، لأنه لم يذكر في القصة أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كلّمه في شيء مما يتعلّق بما فرض على أمته من الصلاة كما كلّمه موسى عليه السلام والسماء السابعة هي أول شيء انتهى إليه حالة الهبوط، فناسب أن يكون موسى بها لأنه هو الذي خاطبه في ذلك كما ثبت في جميع الروايات ويحتمل أن يكون لقي موسى في السادسة فأصعد معه إلى السماء السابعة تفضيلا له على غيره من أجل كلام الله تعالى وظهرت فائدة ذلك في كلامه مع نبينا فيما يتعلق بأمر أمته في الصلاة.

[التنبيه الثامن والأربعون:]

وقع في رواية شريك عن أنس رضي الله عنه أن كل سماء فيها أنبياء قد سمّاهم «فوعيت منهم إدريس في السماء الثانية وهارون في السماء الرابعة وآخر