يحوجه إلى أن يسأله، بل يبتدئه بالعطاء قبل السؤال،
وقال لأصحابه: إني أخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني، وكان الذي عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه،
وكان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد وما سمع كلمة فخشى قط، وأعظم ما سمع أنه كان بينه وبين شخص خصومة،
فقال له: ليس له عندنا إلا ما أرغم أنفه،
وقيل:
أن أبا ذر يقول الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلى من الصحة، فقال: رحم الله أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله- عز وجل- لم يتمن شيئاً غير الحالة التي اختارها الله- عز وجل-، وهذا حد الوقوف على الرضا بما تصرف به القضاء.
ومن كلامه: كن في الدنيا ببدنك، وفي الآخرة بقلبك.
وكان يقول لبنيه وبني أخيه: يا بني، وبني أخي، (يا بني، وبني أخي) [ (١) ] تعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه، أو قال: يرويه، فليكتبه وليضعه في بيته.
وقد كان أبو بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه- يجله ويعظمه، ويحترمه ويكرمه، وكذلك عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- وقد جاء الحسن والحسين يوم الدار، وعثمان محصور ومعهما السيف ليقاتلا عن عثمان فخشي عليهما، فأقسم عليهما ليرجعا إلى منازلهما تطييبا لقلب علي، وخوفا عليهما، وكان علي- رضي الله تعالى عنه- أرسلهما وأمرهما بذلك، وكان علي يكرم الحسن إكراما زائدا ويعظمه، ويبجله، وكان ابن عباس يأخذ الركاب للحسن والحسين إذا ركبا ويرى هذا من النعم، وكانا إذا طافا بالبيت يكاد الناس يحطمونهما لما يزدحمون عليهما- رضي الله تعالى عنهما-.
وكان عبد الله بن الزبير- رضي الله تعالى عنهما- يقول: والله، ما قامت النساء عن مثل الحسن.
وقال أبو جعفر الباقر: جاء رجل إلى الحسين بن علي- رضي الله تعالى عنهما- فاستعان به في حاجة فوجده معتكفا، فاعتذر إليه، فذهب إلى أخيه الحسن، فاستعان به، فقضى حاجته، وقال: لقضاء حاجة أخ لي في الله- عز وجل- أحب إلي من اعتكاف شهر.
وكان كثير التزوج، وكان لا يفارقه أربع حرائر، وكان مطلاقا مصداقا،
وكان علي- رضي الله تعالى عنه- يقول لأهل الكوفة: لا تزوجوه، فإنه مطلاق،
فيقولون: والله، يا أمير المؤمنين، لو خطب لنا كل يوم زوجناه منا ابتغاء في صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني عشر: في وصيته لأخيه الحسين- رضي الله تعالى عنهما
- قال أبو عمر: هو
[ (١) ] سقط في ح.