للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخامسة والخمسون بعد المائة.]

وبتحريم نكاح أزواجه من بعده صلى الله عليه وسلم وأمة وطئها، قال الله سبحانه وتعالى: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً [الأحزاب ٥٣] ولم يثبت ذلك لأحد من الأنبياء، بل قصة سارة مع الجبار، وقول إبراهيم له: هذه أختي وأنه هم أن يطلقها ليتزوجها الجبار قد يستدل به على أن ذلك لم يكن لسائر الأنبياء، وما قيل في تعليل ذلك: إنهن أمهات المؤمنين، وإن في ذلك غضاضة ينزه عنها منصبه الشريف، وأنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره، ولهذا حكى الماوردي وجها أنه لا يجب عليهن عدة الوفاة، وفيمن فارقها في الحياة كالمستعيذة والتي رأى بكشحها بياضا، أوجه:.

أحدها: يحرمن أيضاً، وهو الذي نص عليه الشافعي، وصححه في الروضة، لعموم الآية وليس المراد «بمن بعده» بعدية الموت بل بعدية النكاح.

وقيل: لا.

والثالث: وصححه إمام الحرمين والرافعي في «الشرح الصغير» تحرم المدخول بها فقط، والخلاف جار أيضاً فيمن اختارت الفراق لكن الأصح فيها عند إمام الحرمين والغزالي الحل، وبه قطع جماعة، لتحصل به فائدة التخيير، وهو التمكن من زينة الدنيا، وفي أمة فارقها بعد وطئها أوجه:.

ثالثها: تحرم إن فارقها بالموت كمارية، ولا تحرم إن باعها في الحياة، قيل: وسبب نزول هذه الآية أن رجلا قال: لو مات محمد لتزوجت عائشة أو أم سلمة فنزلت، رواه الطبراني بسند ضعيف جدا عن ابن عباس رضي الله عنهما ورواه أيضاً ابن بشكوال من طريق الكلبي عنه وسمى القائل طلحة بن عبيد الله القرشي، وقد غلط جماعة من العلماء في طلحة هذا فظنوه طلحة بن عبيد الله أحد العشرة، وليس هو كذلك، إنما هو آخر، شاركه في اسمه واسم أبيه ونسبه، فإن طلحة المشهور الذي هو أحد العشرة طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمر بن كعب بن سعد بن تميم التيمي، وطلحة صاحب القصة طلحة بن عبيد الله بن شافع بن عياض ابن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن كعب بن تميم التيميّ.

روى موسى في الذيل نقلا عن ابن شاهين في ترجمة طلحة هذا: هو الذي نزل فيه:

وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ [الأحزاب ٥٣] الآية نبه على ذلك ابن شاهين، وأبو موسى المديني والحافظ والشيخ وغيرهم رضي الله عنهم.

[السادسة والخمسون بعد المائة.]

وبأن البقعة التي دفن فيها صلى الله عليه وسلم أفضل من الكعبة ومن العرش.