للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّعِيمِ [التكاثر ٨] فهذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة» ، فكبر ذلك على أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فقولوا باسم الله، فإذا شبعتم فقولوا الحمد لله الذي هو أشبعنا، وأنعم علينا وأفضل، فإن هذا كفاف لهذا» فأخذ عمر رضي الله تعالى عنه العذق فضرب بها الأرض حتى تناثر البسر، ثم قال: يا رسول الله وأنا لمسئولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: «نعم، إلا من ثلاث: كسرة يسد بها الرجل جوعته، أو ثوب يستر به عورته، أو حجر يدخل فيه من القرّ والحرّ» [ (١) ] .

[تنبيهات]

الأول: أنكر الإمام الحافظ أبو حاتم بن حبّان رحمه الله تعالى هذه الأحاديث التي في شده صلى الله عليه وسلّم الحجر على بطنه عند كلامه على

قوله صلى الله عليه وسلم: «لست كأحدكم، إني أطعم وأسقى» ،

قال: لأن الله تعالى كان يطعم رسوله، ويسقيه إذا واصل، فكيف يتركه جائعا حتى يحتاج إلى شد الحجر على بطنه؟ ثم قال: وماذا يغني الحجر من الجوع؟ ثم ادعى أن ذلك تصحيف ممن رواه، وإنما هي الحجز بالزاي جمع حجزة، قال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى: قد أشكل الأمر في شده الحجر على البطن من الجوع على قوم، فتوهموا أنه تصحيف، وزعموا أنه الحجز- بضم الحاء وفتح الجيم، بعدها زاي- جمع الحجزة، وهي التي يشدّ بها الوسط، ومن أقام بالحجاز، وعرف عادتهم، عرف أن الحجر واحد الحجارة، وذلك أن المجاعة تعتريهم كثيرا، فإذا خوى البطن لم يمكن معه الانتصاب، فيعمل الشخص حينئذ إلى صفائح رقاق في طول الكف، أو أكثر، فيربطها على بطنه، ويشدها بعصابة فوقها، فتعتدل قامته بعض الاعتدال، والاعتماد بالكبد على الأرض مما يقارب ذلك، قال الحافظ رحمه الله تعالى: قد أكثر الناس من الرد على ابن حبان في جميع ذلك، فأبلغ ما يردّ به عليه أنه أخرج

في صحيحه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى أبا بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهما فقال: «ما أخرجكما؟» قالا: ما أخرجنا إلا الجوع، فقال: «أنا والذي نفسي بيده ما أخرجني إلا الجوع» ، الحديث،

فهذا يردّ ما تمسك به، وأما

قوله: «وما يغني الحجر من الجوع؟»

فجوابه: أنه يقيم الصلب، لأن البطن إذا خلا ربما ضعف صاحبه على القيام لانثناء بطنه، فإذا ربط عليه الحجر اشتد، وقوي صاحبه على القيام، حتى قال بعض من وقع له ذلك:

كنت أظن أن الرّجلين تحملان البطن، فإذا البطن هو الذي يحمل الرجلين.

وقال الحافظ رحمه الله تعالى في موضع آخر من الفتح: قال العلماء رحمهم الله تعالى:


[ (١) ] تقدم.