مخّا، فقال: «يا أبا ثابت ما هذا؟» فقال: والذي بعثك بالحق لقد نحرت وذبحت أربعين ذات كبد، فأحببت أن أشبعك من المخ، قال: فأكل، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، بخير
قال إبراهيم بن حبيب: سمعت أن الخيزران حدثت بهذا الحديث، فقسمت قسما من مالها على ولد سعد بن عبادة، وقالت: أكافئ ولد سعد عن فعله برسول الله صلى الله عليه وسلم.
[تنبيهات]
الأول: الشك في عدد الغزوات في أكله صلّى الله عليه وسلّم الجراد من شعبة أحد رواة الحديث.
الثاني: قال التّوربشتي والحافظ وغيرهما يحتمل أنه يريد بالمعية مجرد الغزوات دون ما يتبعه من أكل الجراد، وقال التّروبشتي: أي أكلوه وهم معه، ويحتمل أنه يريد مع أكله، ويدل له رواية أبي نعيم عن ابن أبي أوفى السابقة، ورجح التروبشتي الأول لخلو أكثر الروايات عن هذه الزيادة، ولما
رواه أبو داود عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجراد، فقال: لا آكله ولا أحرمه.
قال الحافظ والصواب أنه مرسل فإن قيل: كيف يترك الحديث الصحيح بمثل هذا الحديث؟ قلنا: لم نتركه، وإنما أولناه لما فيه من الاحتمال كي يوافق سائر الروايات، ولا يرد الحديث الذي أوردناه- وهو من الواضح الكلي- بما فيه خفاء والتباس.
قال الطّيّبي: التأويل الأول بعيد لأن المعية تقتضي المشاركة في الفعل كما في قوله:
غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقد صرح به صاحب الكشاف، والرواية الخالية عنه مطلقة تحتمل الأمرين وهذه مقيّدة تحمل على المقيّد، وحديث سلمان ضعفه البغوي، ورواية من روي أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأكل الجراد إخبار عن عدم الأكل بأنه لم يكن معه، فلم يشاهد فيبقى الكلام في لفظة معه.
الثالث:
روى ابن عدي من طريق ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الضّبّ فقال: «لا آكله ولا أحرمه» ، وسئل عن الجراد فقال: مثل ذلك،
قال الحافظ: هذا الحديث ليس بثابت، لأن ثابتا قال فيه النّسائي: إنه ليس بثقة.
الرابع: نقل النووي رحمه الله تعالى الإجماع على حل أكل الجراد، لكن فصّل ابن العربي في شرح التّرمذي بين جراد الحجاز وبين جراد الأندلس، فقال: في جراد الأندلس لا يؤكل لأنه ضرر محض.
قال الحافظ: إن ثبت أنه يضر آكله بأن يكون فيه سمة تخصه دون غيره من جراد البلاد تعين استثناؤه.