للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله تعالى آدم خبّره ببنيه، فجعل يرى فضائل بعضهم على بعض، فرأى نوراً ساطعاً في أسفلهم، فقال: يا رب من هذا؟ قال: هذا نبيك أحمد وهو أوّل وهو آخر» [ (١) ] .

ولفظ سعيد والبيهقيّ: «هو أول من يدخل الجنة. فقال: الحمد لله الذي جعل من ذريتي من يسبقني إلى الجنة ولا أحسده» .

ويرحم الله تعالى صالح بن الحسين الشافعي رحمه الله تعالى حيث قال في قصيدته:

وكان لدى الفردوس في زمن الرّضا ... وأثواب شمل الأنس محكمة السّدى

يشاهد في عدن ضياء مشعشعاً ... يزيد على الأنوار في النّور والهدى

فقال: إلهي ما الضّياء الذي أرى ... جنود السّماء تعشو إليه ترددا

فقال نبي خير من وطئ الثّرى ... وأفضل من في الخير راح أو اغتدى

تخيّرته من قبل خلقك سيّداً ... وألبسته قبل النّبييّن سؤددا

[تنبيهان]

الأول: قال الغزالي [ (٢) ] في كتاب النفخ والتسوية: في قوله صلى الله عليه وسلم:

«كنت أول النبيين خلقاً» :

أن المراد بالخلق هنا التقدير دون الإيجاد فإنه قبل أن ولدته أمه لم يكن موجوداً، ولكنّ الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود. وبسط الكلام على ذلك. وردّ عليه السبكي [ (٣) ] بكلام شاف يأتي في الباب الثالث، ولم يقف على أثر كعب السابق وهو أقوى من الأدلة التي استدل بها.

الثاني: في بيان غريب ما سبق:

«التّسنيم» [ (٤) ] : قال العزيزيّ رحمه الله تعالى: يقال هو أرفع شراب أهل الجنة. ويقال:


[ (١) ] ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (٣٢٠٥٦) .
[ (٢) ] وهو محمد بن محمد، الإمام حجة الإسلام، زين الدين، أبو حامد الطوسي الغزالي. ولد بطوس سنة خمسين وأربعمائة، جلس للإقراء وصنف، ومن تصانيفه «الإحياء» و «البسيط» و «الوجيز» و «الخلاصة» وغير ذلك توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة، انظر ابن قاضي شهبة ١/ ٢٩٣، وفيات الأعيان ٣/ ٣٥٣.
[ (٣) ] هو تقي الدين أبو الحسن، علي بن عبد الكافي بن علي السبكي أخذ العلم عن كبار مشايخ أهل الفن واشتغل بالطلب والتصنيف والإفتاء وتخرج به فضلاء عصره مات يوم الاثنين رابع جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وأربعمائة، انظر طبقات الأسنوي ١/ ٣٥٠، طبقات الشافعية ٦/ ١٤٦.
[ (٤) ] سنم: قال: (ومزاجه من تسنيم) قيل: هو عين في الجنة رفيعة القدر وفسّر بقوله: عينا يشرب بها المقربون، انظر المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ص ٢٤٥.
ففي اللسان قالوا: هو ماء في الجنة سمي بذلك لأنه يجري فوق الغرف والقصور، انظر اللسان مادة (س ن م) ٢١٢٠، المعجم الوسيط ١/ ٤٥٥.