للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسأت عشرا أن تحسن واحدة» [ (١) ] . قال ابن رواحة: لا أسألك عن شيء بعدها.

[ذكر رجوع عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ليصلي الجمعة]

روى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول لله صلى الله عليه وسلم بعث إلى مؤتة فاستعمل زيدا وذكر الحديث وفيه:

فتخلّف ابن رواحة فجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه، فقال: «ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟» قال: أردت أن أصلّي معك الجمعة ثم ألحقهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما أدركت غدوتهم» . وفي لفظ: «لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها» [ (٢) ] .

[ذكر مسير المسلمين بعد وداع رسول الله صلى الله عليه وسلم]

قال ابن إسحاق، ومحمد بن عمر: ثم مضى الناس. قال محمد بن عمر: قالوا: كان زيد بن أرقم يقول- وقال ابن إسحاق: حدّثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدّث عن زيد بن أرقم قال:

«كنت يتيماً في حجر عبد الله بن رواحة فلم أر وليّ يتيم كان خيرا منه فخرجنا إلى مؤتة فكان يردفني خلفه على حقيبة رحله فو الله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه:

إذا أدّيتني وحملت رحلي ... مسيرة أربع بعد الحساء

فشأنك أنعم وخلاك ذمّ ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي

وآب المسلمون وغادروني ... بأرض الشّام مشتهي الثّواء

وردّك كلّ ذي نسب قريب ... إلى الرّحمان منقطع الإخاء

هنا لك لا أبالي طلع بعل ... ولا نخل أسافلها رواء

قال: فلما سمعتهنّ منه بكيت فخفقني بالدّرّة وقال: «ما عليك بالكع أن يرزقني الله الشهادة فأستريح من الدنيا ونصبها وهمومها وأحزانها وترجع بين شعبتي الرّحل» . زاد ابن إسحاق: قال ثم قال عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه في بعض شعره وهو يرتجز:

يا زيد زيد اليعملات الذّبّل ... تطاول اللّيل هديت فانزل

زاد محمد بن عمر: ثم نزل من الليل، ثم صلى ركعتين ودعا فيهما دعاء طويلا ثم قال:

يا غلام. قلت: لبّيك. قال: هي إن شاء الله الشهادة. قالوا: ولما فصل المسلمون من المدينة سمع العدوّ بمسيرهم فتجمّعوا لهم وقام فيهم شرحبيل بن عمرو فجمع أكثر من مائة ألف،


[ (١) ] ذكره السيوطي في الدر ٣/ ١٨٩ وعزاه لابن عساكر.
[ (٢) ] أخرجه الترمذي (٥٢٧) وأحمد في المسند ١/ ٢٢٤ وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ٧/ ٣٩٣.