للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إسحاق: «ثم خرج القوم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يشيّعهم حتى إذا ودّعهم وانصرف عنهم قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:

خلف السّلام على امرئ ودّعته ... في النّخل خير مشيّع وخليل»

وروى محمد بن عمر عن خالد بن يزيد رحمه الله تعالى قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيّعا لأهل مؤتة حتى بلغ ثنيّة الوداع فوقف ووقفوا حوله فقال: «اغزوا باسم الله فقاتلوا عدوّ الله وعدوّكم بالشام وستجدون رجالا في الصوامع معتزلين الناس فلا تعرضوا لهم وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص فافلقوها بالسيوف، لا تقتلنّ امرأة ولا صغيرا ضرعا ولا كبيرا فانيا ولا تقربن نخلا ولا تقطعنّ شجرا ولا تهدمنّ بيتا» [ (١) ] .

وروى محمد بن عمر [الواقدي] عن زيد بن أرقم [رفعه] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرا، اغزوا باسم الله في سبيل الله من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلّوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيتم عدوّكم من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فأيّتهنّ ما أجابوكم إليها فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم الأذى ثم ادعوهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين فإن فعلوا فأخبروهم أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحوّلوا منها فأخبروهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله [الذي يجري على المؤمنين] ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن فعلوا فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم فإن هم أبوا فاستعينوا بالله عليهم وقاتلوهم وإن حاصرتم أهل حصن أو مدينة فأرادوكم أن تجعلوا لهم ذمة الله وذمّة رسوله فلا تجعلوا لهم ذمّة الله ولا ذمّة رسوله ولكن اجعلوا لهم ذمّتكم وذمّة آبائكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله» .

وذكر نحو ما سبق.

وروى محمد بن عمر عن عطاء بن مسلم [ (٢) ] رحمه الله تعالى قال: «لما ودّع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة قال ابن رواحة: يا رسول الله مرني بشيء أحفظه عنك قال:

«إنك قادم غدا بلدا السجود فيه قليل فأكثر السجود» قال عبد الله بن رواحة: زدني يا رسول الله. قال: «اذكر الله فإنه عون لك على ما تطالب» . فقام من عنده حتى إذا مضى ذاهبا رجع فقال: يا رسول الله إن الله وتر يحب الوتر فقال: «يا ابن رواحة ما عجزت فلا تعجزنّ إن


[ (١) ] أخرجه البيهقي في السنن ٩/ ٦٩.
[ (٢) ] عطاء بن أبي مسلم مولى المهلب بن أبي صغرة أبو أيوب الخراساني نزيل الشام واحد الأعلام عن أبي الدرداء ومعاذ، وابن عباس مرسلا وروى عن يحيى بن يعمر ونافع وعكرمة وعنه وابن جريج والأوزاعي، ومالك وشعبة وحمّاد بن سلمة قال عبد الرحمن بن يزيد: كان يحيي الليل. وثقه ابن معين وأبو حاتم. قال ابنه عثمان: مات سنة خمس وثلاثين ومائة، عن خمس وثمانين سنة. قاله أبو نعيم الخلاصة ٢/ ٢٣١.