وذلك بعيد، فإن
قوله صلى الله عليه وسلم: «أن عيني تنامان ولا ينام قلبي» .
خرج جوابا عن قول عائشة- رضي الله تعالى عنها- له: تنام قبل أن توتر؟ وهذا كلام لا تعلق له بانتقاض الطهارة التي تكلموا فيها، وإنما هو جواب يتعلق بأمر الوتر، فيحتمل يقظته على تعلق القلب لليقظة فلا تعارض، ولا إشكال من حديث النوم حتى طلعت الشمس، لأنه يحمل على أنه اطمأن في نومه لما أوجبه تعب السير معتمدا على من وكله بكلاء الفجر.
قال الحافظ: ومحصلة تخصيص اليقظة المفهومة من قوله: «ولا ينام قلبي» ، بإدراكه.
وقت الوتر إدراكا معنويا لتعلقه به، وأن نومه حتى طلعت الشمس كان مستغرقا، ويؤيد قول بلال له: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، كما في حديث أبي هريرة عند مسلم، ولم ينكر عليه.
ومعلوم أن نوم بلال كان مستغرقا. وقد اعترض عليه، بأن ما قاله يقتضي اعتبار خصوص السبب وأجاب بأنه معتبر إذا قامت عليه قرية تدل أو ترشد عليه السياق، وهو هنا كذلك.
[الثالثة:]
وبعدم انتقاض وضوئه باللمس على أحد وجهين، جزم في الروضة بانتقاضه، واختار الشّيخ عدم الانتقاض لما
رواه ابن ماجة عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ» .
وفي لفظ له عنها:
«كان يتوضأ ثم يقبل ويصلي ولا يتوضأ»
قال عبد الحق: لا أعلم لهذا الحديث علة توجب تركه.
وقال الحافظ في تخريج أحاديث الرافعي: إسناده، جيد قوي قال: وأجاب بأن يكون ذلك من الخصائص بعض الشافعية، لما أورد هذا الحديث عليهم الحنفية في أن اللمس لا ينقض مطلقا، لأن الحنفية احتجوا بأحاديث منها: ما رواه النسائي بإسناد صحيح عن القاسم عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة حتى إذا أراد أن يوتر مسني برجله.
[الرابعة:]
أبيح له صلى الله عليه وسلم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة. حكاه ابن دقيق العيد في شرح العمرة.
قلت: واستدل له بحديث ابن عمر لقد راقيت على ظهر بيتنا، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته.
قال ابن دقيق العيد: ولو كان هذا الفعل عاما للأمة لبينه بإظهاره بالقول، فإن الأفعال العامّة لا بد من بيانها، فلما لم يقع ذلك، وكانت هذه الرواية من ابن عمر على طريق الاتفاق وعدم قصد الرسول دل ذلك على الخصوص به صلى الله عليه وسلم وعدم العموم في حق الأمة.