للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثامن في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه]

روى ابن أبي حاتم عن الأجلح [ (١) ] قال: كان حمزة بن عبد المطلب رجلا حسن الشعر حسن الهيئة صاحب صيد، وأن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم مر على أبي جهل فولع به أبو جهل وآذاه، فرجع حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه فقالت إحداهما: لو علم ذا ما صنع أبو جهل بابن أخيه أقصر عن مشيته. فالتفت إليهما فقال: وما ذاك؟ قالت: أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا.

فدخلته الحميّة فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه ثم قال: ديني دين محمد، إن كنتم صادقين فامنعوني. ووثبت إليه قريش فقالوا: يا أبا يعلى. يا أبا يعلى فانزل اللَّه تعالى: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ إلى قوله: وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى [الفتح ٢٦.]

قال الأجلح: أراد حمزة بن عبد المطلب.

وروى ابن إسحاق قال: حدثني رجل من أسلم وكان واعية، والطبراني برجال ثقات، عن يعقوب عن عتبة بن المغيرة والطبراني برجال ثقات عن محمد بن كعب القرظي رحمهم اللَّه، إن أبا جهل مر برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عند الصّفا فآذاه وشتمه ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره فلم يكلّمه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ومولاة لعبد اللَّه بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك، ثم انصرف عنه فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم، فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشّحا قوسه راجعا من قنص له، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له، فكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لم يمرّ على نادي قريش إلا وقف وسلّم وتحدث معهم، وكان أعزّ فتى في قريش وأشدّه شكيمة فلمّا مرّ بالمولاة وقد رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم إلى بيته قالت له: يا أبا عمارة: لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم ابن هشام، وجده هنا جالسا فآذاه وسبّه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلّمه محمد.

فاحتمل حمزة الغضب لما أراد اللَّه تعالى به من كرامته، فخرج يسعى لم يقف على أحد معدّا لأبي جهل إذا لقيه أن يقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل


[ (١) ] يحيى بن عبد الله [هو] أبو حجيّة الكندي الأجلح الكوفي الشيعي. عن الشعبي، وجماعة. وعنه شعبة، وعليّ بن مسهر، وطائفة. وقد مرّ بلقبه. قال ابن عدي: هو عندي صدوق إلّا أنه يعدّ في الشيعة. وهو مستقيم الحديث. وقال ابن معين: لا بأس به. وقال الجوزجاني: الأجلح مفتر. وقال أبو حاتم: لا يحتج به، ليس بقوي. [ميزان الاعتدال ٤/ ٣٨٨، ٣٨٩.]