روى الشيخان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن [عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم جاءها حين أمر الله أن يخبر أزواجه، فبدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«إني ذاكر لك أمرا، فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك» ، وقد علم أن أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه. قالت ثم قال: إن الله قال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إلى تمام الآيتين
فقلت له: ففي أي هذا أستأمر أبويّ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة] .
الثالث: في حسن خلقه معهن ومداراته- صلى الله عليه وسلّم- لهن، وحثّه على برّهن والصبر عليهن رضي الله تعالى عنهن:
روى الطيالسي والإمام أحمد وابن عساكر عن عبد الله الجدلي، قال: قلت لعائشة- رضي الله تعالى عنها- كيف كان خلق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في أهله؟ قالت: كان أحسن الناس خلقاً لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخّابا في الأسواق ولا يجازي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويغفر.
وروى الحارث بن أسامة والخرائطيّ وابن عساكر عن عمرة قالت: سئلت عائشة- رضي الله تعالى عنها- عن خلق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا خلا مع نسائه، قالت: كان كالرجل من رجالكم إلا أنه كان أكرم النّاس، وأحسن الناس خلقا، وألين النّاس في قومه وأكرمهم، ضحّاكا بسّاما.
روى ابن سعد عن ميمونة رضي الله تعالى عنها قالت: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة من عندي فأغلقت دونه الباب فجاء يستفتح الباب، فأبيت أن أفتح له، فقال: «أقسمت عليك أن تفتحي» فقلت له: تذهب إلى بعض نسائك في ليلتي؟ قال:
«ما فعلت، ولكن وجدت حقنا من بولي» .
وروى الإمام أحمد وأبو داود، والنسائي عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: ما رأيت صانعا طعاما مثل صفيّة، صنعت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- طعاما، فبعث به فأخذت في الأكل فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله، ما كفارة ما صنعت؟ قال: إناء مثل إناء، وطعام مثل طعام.
وروى الإمام أحمد، وأبو داود عن أم كلثوم- رضي الله عنها- قالت: كانت زينب تفلّي رأس رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وعنده امرأة عثمان بن مظعون، ونساء من المهاجرات يشكون منازلهن وأنّهنّ يخرجن منه ويضيق عليهن فيه، فتكلمت زينب وتركت رأس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «إنك لست تكلّمين بعينك، تكلّمي واعملي عملك
[ (١) ] » ، الحديث.
[ (١) ] أخرجه أحمد ٦/ ٣٦٣.