الباب الخامس في طمأنينته إذا جيء بجهنم وفزع غيره- صلى الله عليه وسلم-
روى ابن وهب في كتاب «الأهوال» عن العطاف بن خالد قال: «يؤتى بجهنّم يوم القيامة يأكل بعضها بعضا، يقودها سبعون ألف ملك، فإذا رأت النّاس زفرت فذلك قوله تعالى:
إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً [الفرقان: ١٢] فلا يبقى نبيّ ولا صدّيق إلا برك لركبته، يقول: يا ربّ نفسي نفسي، ويقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أمّتي أمتي» .
وروى أبو نعيم من طريقين عن كعب الأحبار- رحمه الله تعالى- قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، ونزلت الملائكة فصاروا صفوفا، فيقول الله تعالى: يا جبريل ائت بجهنّم، فيأتي بها تقاد، بسبعين ألف زمام، حتى إذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام زفرت زفرة طارت لها أفئدة الخلائق، ثم زفرت زفرة ثانية فلا يبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلا جثى لركبتيه ثم تزفر الثّالثة فتبلغ القلوب الحناجر، وتذهل العقول، فيفزع كلّ امرئ إلى عمله حتى إنّ إبراهيم يقول بخلّتي لا أسألك إلا نفسي،
ومحمد- صلى الله عليه وسلم- يقول: أمّتي أمّتي، لا أسألك اليوم نفسي، فيجيبه الجليل جلّ جلاله:«إنّ أوليائي من أمّتك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فو عزّتي لأقرّنّ عينك في أمّتك، ثم تقف الملائكة بين يدي الله تعالى ينتظرون ما يؤمرون» .