للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم انصرف إلى فناء قبّته فجلس وجلسنا حوله، فقرأ من «المؤمنون» عشرا فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «هل لكم في الغذاء؟» قال عرباض: فجعلت أقول في نفسي أي غداء، فدعا بلالا بالتمرات، فوضع يده عليهن في الصحفة، ثم قال: «كلوا بسم الله فأكلنا- فو الذي بعثه بالحق- حتى شبعنا وإنا لعشرة، ثم رفعوا أيديهم منها شبعا وإذا التمرات كما هي، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «لولا إني أستحي من ربي لأكلنا من هذا التمر حتى نرد المدينة عن آخرنا» ، وطلع عليهم غلام من أهل البدو فأخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- التّمرات فدفعها إليه فولى الغلام يلوكهن

[ (١) ] .

ذكر طوافه- صلى الله عليه وسلم- علي الناس بتبوك

قال شيوخ محمد بن عمر: كان رجل من بني عذرة يقال له عدي يقول: جئت رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بتبوك فرأيته على ناقة حمراء يطوف على الناس، يقول «يا أيها الناس، يد الله فوق يد المعطي ويد المعطي الوسطى، ويد المعطي السّفلى، أيها الناس فتغنوا ولو بحزم الحطب اللهم هل بلغت» ثلاثا فقلت: يا رسول الله إن امرأتيّ اقتتلتا، فرميت إحداهما فرمي في رميتي- يريد أنها ماتت- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «تعقلها ولا ترثها» فجلس رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- في موضع مسجده بتبوك فنظر نحو اليمين، ورفع يده يشير إلى أهل اليمن فقال «الإيمان يمان» ونظر نحو الشرق فأشار بيده إن الجفاء وغلظ القلوب في الفدادين أهل الوبر من نحو المشرق حيث يطلع الشيطان قرنيه

[ (٢) ] .

ذكر إخباره- صلى الله عليه وسلم- بموت عظيم من المنافقين لما هبت ريح شديدة

قال محمد بن عمر رحمه الله تعالى: وهاجت ريح شديدة بتبوك فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «هذا لموت منافق عظيم النفاق» [ (٣) ] فقدموا المدينة فوجدوا منافقا عظيم النفاق قد مات.

وروى محمد بن عمر عن شيوخه، قالوا: «قدم على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نفر من سعد هذيم فقالوا: يا رسول الله، إنا قدمنا إليك وتركنا أهلنا على بئر لنا قليل ماؤها، وهذا القيظ، ونحن نخاف إن تفرقنا أن نقتطع، لأن الإسلام لم يفش حولنا بعد، فادع الله تعالى لنا في مائها، فإنا إن روينا به فلا قوم أعز منّا لا يعبر بنا أحد مخالف لديننا. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- ابغوا لي


[ (١) ] المغازي للواقدي ٣/ ١٠١٧.
[ (٢) ] المغازي ٣/ ١٠١٧.
[ (٣) ] أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٤١.