للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ساعة، وهي الساعة التي أحلّت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولم تحل لأحد قبله.

[ (١) ]

ذكر دخوله- صلّى الله عليه وسلّم- المسجد وطوافه وما وقع في ذلك من الآيات

قالوا: مكث رسول الله- صلى الله عليه وسلم في منزله ساعة من النهار حتّى اطمأن النّاس، فاغتسل، ثم دعا براحلته القصواء، فأدنيت إلى باب قبّته، وعاد للبس السّلاح والمغفر على رأسه، وقد حف الناس به، فركب راحلته والخيل تمعج بين الخندمة إلى الحجون، ومرّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وإلى جنبه أبو بكر الصديق يسير معه يحادثه، فمرّ ببنات أبي أحيحة وقد نشرن شعورهنّ- يلطمن وجوه الخيل بالخمر، فنظر رسول- صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر فتبسم وذكر بيت حسان بن ثابت، فأنشده أبو بكر رضي الله عنه:

تظلّ جيادنا متمطّرات ... يلطّمهنّ بالخمر النّساء

فلما انتهى- صلى الله عليه وسلّم- إلى الكعبة فرآها ومعه المسلمون تقدّم على راحلته، واستلم الركن بمحجنه، وكبر، فكبّر المسلمون بتكبيره، فرجّعوا التكبير حتّى ارتجّت مكة تكبيرا حتى جعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشير إليهم أن اسكتوا- والمشركون فوق الجبال ينظرون- وطاف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالبيت، آخذا بزمام النّاقة محمد بن مسلمة، فأقبل على الحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت.

وروى أبو نعيم، والبيهقي من طريق عبد الله بن دينار، وأبو نعيم من طريق نافع كلاهما عن ابن عمر- رضي الله عنهما- وأبو نعيم والبيهقي من طريق سعيد بن جبير وابن إسحاق والبيهقي وأبو نعيم، وابن مندة، ومحمد بن عمر عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دخل مكّة يوم فتح مكة، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما مرصّعة بالرّصاص، وكان هبل أعظمها وهو وجاه الكعبة، وإساف ونايلة حيث ينحرون ويذبحون الذّبائح، وفي يد رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- قوس وقد أخذ بسية القوس،

فجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كلّما مرّ بصنم منها يشير إليه ويطعن في عينه ويقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً [الإسراء ٨١]

فما يشير إلى صنم إلا سقط لوجهه. وفي لفظ لقفاه، من غير أن يمسّه [ (٢) ] . وفي ذلك يقول تميم بن أسد الخزاعي [ (٣) ] .


[ (١) ] ابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (١٦٩٩) ، وانظر المجمع ٦/ ١٧٧ وابن أبي شيبة ١٤/ ٤٨٧.
[ (٢) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٤/ ٧١ وهو عند البخاري في كتاب المظالم باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر.
[ (٣) ] تميم بن أسيد وقيل أسد بن عبد العزى بن جعونة بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب بن عمرو الخزاعي ... قال ابن سعد أسلم وصحب قبل فتح مكة وبعثه النبي- صلى الله عليه وسلم يجدد أنصاب الحرم ثم ساق بذلك سندا الى ابن خيثم عن أبي الطفيل عن ابن عباس إن النبي- صلى الله عليه وسلم فذكره، الإصابة ١/ ١٩١.