ثم جاءنا فأخبرنا الخبر فاحتملنا صاحبنا فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم-
زاد بن عقبة، ومحمد بن عمر: وهو على المنبر- فقال: «فأفلت الوجوه» فقالوا: أفلح وجهك يا رسول اللَّه.
فأخبرناه بقتل عدو اللَّه. واختلفنا عنده في قتله، كلّنا يدّعيه. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «هاتوا أسيافكم» . فجئناه بها، فنظر إلى سيف عبد اللَّه بن أنيس فقال: «هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام»
فقال حسان بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنه يذكر بقتل كعب بن الأشرف وقتل سلّام بن أبي الحقيق:
للَّه درّ عصابة لاقيتهم ... يا بن الحقيق وأنت يا بن الأشرف
يسرون بالبيض الخفاف إليكم ... مرحا كأسد في عرين مغرف
حتّى أتوكم في محلّ بلادكم ... فسقوكم حتفا ببيض ذفّف
مستبصرين لنصر دين نبيّهم ... مستصغرين لكلّ أمر مجحف
[تنبيهات]
الأول: اختلفوا في وقت خروجهم متى كان فذكرها البخاري قبل غزوة أحد، وقال الزهري: كانت بعد قتل كعب بن الأشرف، ووصله يعقوب بن سفيان في تاريخه. قال ابن سعد: كانت في رمضان سنة ست. وقيل من ذي الحجة سنة خمس، وقدمه في الإشارة.
وقيل في ذي الحجة سنة أربع. وقيل في رجب سنة ثلاث واللَّه أعلم.
الثاني: وقع في الصحيح: وهو بخيبر، ويقال في حصن له بأرض الحجاز، فيحمل أن حصنه كان قريبا من خيبر في طرف أرض الحجاز. وقال في النور: خيبر من الحجاز.
الثالث: في حديث البراء رضي اللَّه تعالى عنه في الصحيح أن عبد اللَّه بن عتبة كان فيهم كما تقدم ذكره. قال الحافظ الدمياطي صوابه: عبد اللَّه بن أنيس. وقال في الزّهر: زعم البخاري أن عبد اللَّه بن عتبة كان معهم ولم أر من قاله غير البخاري حتى قال بعض العلماء في الصحابة: عبد اللَّه بن عتبة اثنان لا ثالث لهما. الأول الذّكواني وليس من هؤلاء بشيء لأنهم قالوا إن كلهم من الأنصار.
الرابع: عبد اللَّه بن عتبة ذكره بعضهم في الصحابة والأكثرون على أنه تابعي. قلت:
ظاهر كلام صاحب الزّهر أن البخاري ذكره من عند نفسه، وليس كذلك بل الذي قاله هو البراء بن عازب كما روى البخاري عنه، وكون عبد اللَّه بن عتبة ذكواني لا يخالف قول من قال إنهم من الأنصار لاحتمال أنه كان حليفا للأنصار. وفي الحديث: «وحليفنا منا» ، وعبد اللَّه بن أنيس كان معهم وليس هو من الأنصار قطعا بل هو جهني حالفهم. ولم يعرج في الفتح