والفقه في الدين، وذكر عروة بن عقبة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- خلف عتّابا ومعاذا بمكة قبل خروجه إلى هوازن، ثم خلّفهما حين رجع إلى المدينة.
قال ابن هشام: وبلغني عن زيد بن أسلم- رحمه الله تعالى- أنه قال: لمّا استعمل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عتّابا على مكة رزقه كلّ يوم درهما، فقام فخطب الناس فقال: «أيها الناس، أجاع الله كبد من جاع على درهم!! فقد رزقني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- درهما كلّ يوم، فليست لي حاجة إلى أحد» .
قلت: ترجمته وبعض محاسنه في تراجم الإمراء.
قال محمد بن عمر وابن سعد: فلما فرغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من أمره غدا يوم الخميس راجعا إلى المدينة، فسلك في وادي الجعرانة، حتى خرج على سرف، ثم أخذ في الطريق إلى مرّ الظّهران، ثم إلى المدينة يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي القعدة- فيما زعمه- أبو عمرو المدني.
قال أبو عمرو: وكانت مدة غيبته- صلى الله عليه وسلّم- من حين خرج من المدينة إلى مكة فافتتحها، وواقع هوازن، وحارب أهل الطائف إلى أن رجع إلى المدينة شهرين وستة عشر يوما.
[ذكر بعض ما قيل من الشعر في هذه الغزوة]
قال بجير بن زهير بن أبي سلمى- بضم أوائل الثلاثة- رضي الله عنه- يذكر حنينا والطائف:
كانت علالة يوم بطن حنين ... وغداة أوطاس ويوم الأبرق
جمعت بإغواء هوازن جمعها ... فتبدّدوا كالطّائر المتمزّق
لم يمنعوا منّا مقاما واحدا ... إلّا حبارهم وبطن الخندق
ولقد تعرّضنا لكيما يخرجوا ... فتحصّنوا منّا بباب مغلق
ترتدّ حسرانا إلى رجراجة ... شهباء تلمع بالمنايا فيلق
ملمومة خضراء لو قذفوا بها ... حصنا لظلّ كأنّه لم يخلق
مشي الضّراء على الهراس كأنّنا ... قدر تفرّق في القياد وتلتقي
في كلّ سابغة إذا ما استحصنت ... كالنّهي هبّت ريحه المترقرق
جدل تمسّ فضولهنّ نعالنا ... من نسج داود وآل محرّق
وقال كعب بن مالك- رضي الله عنه- في مسير رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف.
قضينا من تهامة كلّ ريب ... وخيبر ثمّ أجممنا السّيوفا
نخبّرها ولو نطقت لقالت ... قواطعهنّ دوسا أو ثقيفا