الباب الثاني عشر في تكثيره صلى الله عليه وسلّم طعام ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها
روى أبو يعلى عن جابر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما لم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه فطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند واحدة منهن شيئاً، فأتى فاطمة، فقال:«يا بنية، هل عندك شيء أكلة، فإني جائع» فقالت: لا والله، فلما خرج من عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وغطت عليها، وقالت: والله، لأوثرنّ بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي ومن عندي فكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليها فقالت له: قد آتى الله بشيء فخبأته لك، قال:«هلمي يا بنية» ، فكشفت عن الجفنة، فإذا هي مملؤة خبزا ولحما، فلما نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله عز وجلّ، فحمدت الله عز وجل وصلت على نبيه- صلى الله عليه وسلم وقدّمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه حمد الله عز وجل، وقال:«من أين لك هذا يا بنيّة؟» قالت: يا أبت، هذا من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، فقال:«الحمد لله الذي جعلك شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل فإنها كانت إذا رزقها الله عز وجل شيئا فسئلت عنه قالت هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب،» فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي ثم أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى وفاطمة وحسن وحسين وجميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته حتى شبعوا وبقيت الجفنة كما هي فأوسعت بقيّتها على جميع جيرانها، وجعل الله عز وجل فيها بركة وخيراً كثيراً [ (١) ] .
[ (١) ] ذكره السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٠ وابن كثير في التفسير ٢/ ٢٩.