للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الرابع عشر فيما جاء في شق صدره وقلبه الشريفين صلى الله عليه وسلم]

قال اللَّه تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح ١] قال في الكشاف: استفهم عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار مبالغة في إثبات الشرح وإيجابه فكأنه قيل: شرحنا لك صدرك.

ولذلك عطف عليه «ووضعنا» اعتبارا للمعنى.

قال الطيبي: أي أنكر عدم الشرح فإذا أنكر ذلك ثبت الشرح لأن الهمزة للإنكار، والإنكار نفي، والنفي إذا دخل على النفي عاد إثباتا، ولا يجوز جعل الهمز للتقرير.

قال الراغب رحمه اللَّه تعالى: أصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر وهو بسطه بنور إلهي وسكينة من جهة اللَّه وروح منه.

النقاش [ (١) ] : الشرح التوسعة وكل ما وسعته فقد شرحته.

الراغب: الصدر الجارحة وجمعه صدور. قال بعض الحكماء: حيثما ذكر اللَّه تعالى القلب فإشارة إلى العقل والعلم نحو: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ [ق ٣٧] وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى ونحوهما وقوله:

تعالى: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [طه ٢٥] سؤال لإصلاح قواه وكذا: وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [التوبة ١٤] فإشارة إلى ذلك.

مكي: المراد بالصدر القلب، لأنه وعاء الفهم والعلم وإنما ذكر الصدر لقربه من القلب وامتزاجه به.

الحكيم الترمذي: ذكر الصدر دون القلب لأن محل الوسوسة في الصدر، فأزال اللَّه تلك الوسوسة وأبدلها بدواعي الخير وهي الشرح. وقيل القلب محل العقل والمعرفة وهو الذي


[ (١) ] محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون الموصلي ثم البغدادي أبو بكر النقاش المقري المفسر، كان إمام أهل العراق في القراءات والتفسير. قرأ القرآن على هارون بن موسى الأخفش. وابن أبي مهران (١) وجماعة. وقرأ عليه خلائق.
منهم أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران، وأبو الحسين الحمامي وجماعة. وروى الحديث عن أبي مسلم الكجّيّ، ومطيّن. والحسن بن سفيان وآخرين. وروى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وأبو أحمد الفرضيّ، وأبو علي بن شاذان وجماعة. ورحل وطوّف من مصر إلى ما وراء النهر في لقي المشايخ. وصنف التفسير وسماه «شفاء الصدور» وله «الإشارة في غريب القرآن» و «الموضح في معاني القرآن» و «دلائل النبوة» و «القراءات» بعلها، وأشياء آخر. ضعّفه جماعة. قال البرقاني: كل حديث النّقّاش منكر. وقال طلحة بن محمد بن جعفر: كان يكذب في الحديث. وقال الخطيب: في حديثه مناكير بأسانيد مشهورة. وقال الذهبي: متروك، ليس بثقة على جلالته ونبله. وقال هبة اللَّه اللاكائي: تفسير النقاش، إشفاء الصدور، ليس شفاء الصدور. طبقات لمفسرين للسيوطي ٨٠، ٨١، وتذكرة الحفاظ ٣/ ٩٠٨.