[جماع أبواب موازاة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في فضائلهم بفضل نبينا صلى الله عليه وسلم.]
[الباب الأول في فوائد تتعلق بالكلام على ذلك]
قال العلماء: ما أتى نبي من المعجزات ولا فضيلة إلا ونبينا صلى الله عليه وسلم أوتي نظيرها وأعظم منها، قال الإمام الشافعي رضي الله عنه فيما رواه البيهقي في مناقبه وابن أبي حاتم رضي الله عنهما: ما أعطى الله ما أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم ولفظ البيهقي رضي الله عنه: ما أعطى الله نبيا قط شيئا إلا وقد أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم أكثر فقال له عمرو وسوار: قد أعطى الله عيسى عليه الصلاة والسلام إحياء الموتى، قال: أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم الجذع الذي كان يقف على جنبه، وهي له كالمنبر، فلما هيئ له المنبر حن الجذع حتى سمع الناس صوته، فهذا أكثر من ذلك، وقال الحافظ جمال الدين المزني رضي الله عنه وأول من تكلم في هذا الباب أبو عبد الله محمد ابن إدريس الشافعي رضي الله عنه وعقد أبو عبيد في كتابه «الدلائل» فصلا في ذلك، وكذا أبو محمد وأبو عبد الله بن حامد الفقيه، وكذلك شيخ الإسلام كمال الدين بن الزملكاني في آخر مولده وكذلك شيخنا رحمهم الله تعالى وكذلك الصرصري الشاعر، يورد في بعض قصائده شيئا من ذلك، وأنا أذكر في هذا الباب حاصل ما ذكروه إن شاء الله تعالى.
[الباب الثاني في موازاته ما أوتيه آدم صلى الله عليه وسلم]
في ذلك أن الله تعالى خلقه بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، وكلمه كما في حديث أبي داود والطبراني، وأوتي نبينا صلى الله عليه وسلم شرح صدره تعالى بنفسه، وخلق فيه الإيمان والحكمة، وهو الخلق النبوي فتولى من آدم الخلق الوجودي ومن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلق السوي مع أن المقصود كما مر بخلق آدم خلق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المقصود وآدم الوسيلة والمقصود سابق على الوسيلة، وأما سجود الملائكة لآدم فقال الإمام فخر الدين إن الملائكة أمروا بالسجود لآدم لأجل أن نور محمد صلى الله عليه وسلم كان في وجهه ولله در القائل:
تجليت الله في وجه آدم* فصلى له الأملاك حين توصلا وقال الإمام سهل بن محمد هذا التشريف الذي شرف الله به محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً