الكاهن القضاعي، وهو سلمة بن أبي حيّة بن الأسحم بن عامر بن ثعلبة بن سعد بن هذيم، وكان منزله بالشام، فخرج إليه عبد المطلب في نفر من قريش وخرج جندب في جماعة من ثقيف، فلما انتهوا إلى الكاهن خبأوا له رأس جرادة في خرز مزادة، فقال: خبأتم لي شيئاً طار فسطع، وتصوّب فوقع، ذا ذنب جرّار وساق كالمنشار. قالوا: ذه. أي بيّن. قال: إلا ذه فلاذه.
يقول: إن لم يكن قولي بياناً، وهو رأس جرادة، في خرز مزادة، في ثني القلادة. قالوا: صدقت.
وانتسبوا له، فقال: أحلف بالضياء والظلم، والبيت ذي الحرم، إن الماء ذا الهرم، للقرشي ذي الكرم. فغضب الثقفيون وقالوا: اقض لأرفعنا مكاناً وأعظمنا جفانا. وأشدّنا طعانا. فقال عبد المطلب: اقض لصاحب الخيرات الكبر، ولمن أبوه سيّد مضر، وساقي الحجيج إذا كثر. فقال الكاهن:
أما وربّ القلص الرّواسم ... يحملن أزوالاً بقيّ طاسم
إنّ سناء المجد والمكارم ... في شيبة الحمد سليل هاشم
أبي النبيّ المرتضى للعالم
ثم قال:
إن بني النّضر كرامٌ ساده ... من مضر الحمراء في قلادة
أهل سناً وملوكٌ قاده ... مزارهم بأرضهم عباده
إنّ مقالي فاعلموا شهاده
ثم قال:
إن ثقيفا عبدٌ أبق، فثقف فعتق، فليس له في المنصب الكريم من حق.
فلما قضى لعبد المطلب بذي الهرم استعار عبد المطلب قدوراً ثم أمر فنحرت الجزائر ودعا من حوله فأطعمهم وبعث إلى جبال مكة بجزائر منها، فأمر بها فنحرت للطير والسباع شكراً لله. فلذلك قال أبو طالب ولده:
الهرم بفتح الهاء وكسر الراء. وأما بالفتح والسكون فمالٌ لأبي سفيان بن حرب بالطائف أيضاً. القلص بضم القاف واللام وبالصاد المهملة: جمع قلوص، وهي من الإبل بمنزلة الجارية من النساء، وهي الشابة. رواسم: جمع رسوم وهي الناقة التي تؤثر في الأرض من شدة الوطء. الأزوال: بالزاي واللام: النساء. بقي: بالقاف. طاسم بطاء وسين مهملتين وهو حي من عاد. المنيضين: جمع منيض المعالج للشيء يقال: نضت الشيء إذا عالجته.