الباب العاشر في مدة مرضه- صلّى الله عليه وسلم- واستخلافه أبا بكر في الصلاة بالناس
قال الحافظ: اختلف في مدة مرضه، فالأكثر على أنّه ثلاثة عشر يوما.
وقيل: بزيادة يوم وقيل: بنقصه.
وقيل: تسعة أيام رواه البلاذري عن علي- رضي الله تعالى عنه- وقيل: عشرة، وفيه جزم سليمان التيمي، وكان يخرج إلى الصلاة إلا أنّه انقطع ثلاثة أيّام.
قال في العيون: أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يصلى بالناس فصلى بهم فيما روينا سبع عشرة صلاة، ورواه البلاذري عن أبي بكر ابن أبي سبرة-
وفي لفظ- وقال: «مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس» .
وروى الإمام أحمد وأبو داود وابن سعد عن عبد الله بن زمعة بن الأسود قال: لما استعز برسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأنا عنده في نفر من المسلمين قال: دعا بلال للصلاة فقال مروا من يصلي بالناس قال: فخرجت فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائبا فقال قم يا عمر فصلّ بالناس، قال: فقام فلما كبر عمر سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صوته وكان عمر رجلا مجهرا قال:
فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: لا، لا، لا يصلي بالناس إلا ابن أبي قحافة يقول ذلك مغضبا فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون،
قال: فبعث إلى أبي بكر بعد ما صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس قال وقال عبد الله بن زمعة قال عمر لي: ويحك ماذا صنعت بي يا بن زمعة، والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أمرك بذلك، ولولا ذلك ما صليت بالناس قال:
قلت: والله ما أمرني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولكن حين لم أر أبا بكر رأيتك أحقّ من حضر بالصّلاة.
وروى الشيخان وابن سعد والبلاذري والبيهقي وابن إسحاق عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: لما مرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مرضه الذي مات فيه فثقل، فحضرت الصلاة فأذّن بلال فقال: «أصلّى النّاس؟» قلت: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله! [فقال: ضعوا لي ماء في المخضب قالت: ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال: «أصلّى النّاس؟» فقلت: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله] [ (١) ] فقال: «ضعوا إليّ ماء في المخضب» قالت: فقلنا فاغتسل فقال: «أصلّى الناس؟» فقلنا: لا، هم ينتظرونك! قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لصلاة العشاء الآخرة. فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس فقلت: أن أبا بكر رجل أسيف إذا قام مقامك لم يسمع النّاس من البكاء.
[ (١) ] ما بين المعكوفين سقط في ب.