للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثاني عشر في فرح جده عبد المطلب به صلى الله عليه وسلّم وتسميته له محمداً

قال ابن إسحاق والواقدي وغيرهما: لما وضعت آمنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أرسلت إلى جده عبد المطلب: أنه قد ولد لك غلام فائته فانظر إليه. فأتاه ونظر إليه. وحدثّته بما رأت حين حملت به وما قيل لها وما أمرت به أن تسمّيه، فيزعمون أن عبد المطلب أخذه فدخل به الكعبة فقام يدعو الله ويشكره على ما أعطاه، ثم خرج به صلى الله عليه وسلم إلى أمه وهو يقول:

الحمد لله الذي أعطاني ... هذا الغلام الطيّب الأردان

قد ساد في المهد على الغلمان ... أعيذه بالبيت ذي الأركان

حتّى يكون بلغة الفتيان ... حتّى أراه بالغ التّبيان

أعيذه من شرّ ذي شنآن ... من حاسدٍ مضطرب العيان

ذي همّةِ ليس له عينان ... حتّى أراه رافعاً للشّان

أنت الذي سمّيت في الفرقان ... أحمد مكتوبٌ على اللسان

[ (١) ] وروى البيهقي عن أبي الحسن التنوخي- رحمه الله تعالى- أنه لما كان يوم السابع من ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عنه جدّه ودعا قريشاً، فلما أكلوا قالوا: يا عبد المطلب ما سميته؟

قال: سميته محمداً. قالوا: لم رغبت به عن أسماء أهل بيته. قال: أردت أن يحمده الله في السماء وخلقه في الأرض.

وروى أبو عمر وأبو القاسم بن عساكر من طرق عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال:

لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عقّ عنده جده بكبش وسماه محمداً. فقيل له: يا أبا الحارث ما حملك على أن تسميه محمداً ولم تسمه باسم آبائه؟ قال: أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده الناس في الأرض.

وذكر السّهيلي وأبو الرّبيع- رحمهما الله تعالى- أن عبد المطلب إنما سماه محمداً لرؤيا رآها. زعموا أنه رأى مناماً كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهره ولها طرف في السماء وطرف في الأرض وطرف في المشرق وطرف في المغرب، ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها نور، وإذا أهل المشرق والمغرب يتعلّقون بها. فقصّها فعبّرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب ويحمده أهل السماء والأرض، فلذلك سماه محمداً مع ما حدّثته به أمه صلى الله عليه وسلم.


[ (١) ] انظر البداية والنهاية ٢/ ٢٦٤، ٢٦٥، الروض الأنف ١/ ١٨٤.