[ذكر بعض ما قاله الصحابة من الشعر في غزوة بدر]
قال حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. قال ابن هشام وأكثر أهل العلم ينكرها
ألم تر أمرا كان من عجب الدّهر ... وللحين أسباب مبيّنة الأمر
وما ذاك إلا أنّ قوما أفادهم ... فحانوا تواص بالعقوق وبالكفر
عشية راحوا نحو بدر بجمعهم ... فكانوا رهونا للرّكيّة من بدر
وكنّا طلبنا العير لم نبغ غيرها ... فثاروا إلينا فالتقينا على قدر
فلمّا التقينا لم تكن مثنويّة ... لنا غير طعن بالمثقّفة السّمر
وضرب ببيض يختلي الهام حدّها ... مشهّرة الألوان بيّنة الأثر
ونحن تركنا عتبة الغيّ ثاويا ... وشيبة في قتلى تجرجم في الجفر
وعمرو ثوى فيمن ثوى من مماتهم ... فشقّت جيوب النّائحات على عمرو
جيوب نساء من لؤي بن غالب ... كرام تفرّعن الذّوائب من فهر
أولئك قوم قتّلوا في ضلالهم ... وخلّوا لواء غير محتضر النّصر
لواء ضلال قاد إبليس أهله ... فخاس بهم، إنّ الخبيث إلى غدر
وقال لهم إذ عاين الأمر واضحا ... برئت إليكم ما بي اليوم من صبر
فإنّي أرى ما لا ترون وإنّني ... أخاف عقاب الله والله ذو قسر
فقدّمهم للحين حتّى تورّطوا ... وكان بما لم يخبر القوم ذا خبر
فكانوا غداة البئر ألفا وجمعنا ... ثلاث مئين كالمسدّمة الزّهر
وفينا جنود الله حين يمدّنا ... بهم في مقام ثمّ مستوضح الذّكر
فشدّ بهم جبريل تحت لوائنا ... لدى مأزق فيه إياهم تجري
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال ابن هشام: ولم أر أحدا من أهل العلم يعرفها لعليّ:
ألم تر أن الله أبلى رسوله ... بلاء عزيز ذي اقتدار وذي فضل
بما أنزل الكفّار دار مذلّة ... فلاقوا هوانا من إسار ومن قتل
فأمسى رسول الله قد عزّ نصره ... وكان رسول الله أرسل بالعدل
فجاء بفرقان من الله منزل ... مبيّنة آياته لذوي العقل
فآمن أقوام بذاك وأيقنوا ... فأمسوا بحمد الله مجتمعي الشّمل
وأنكر أقوام فزاغت قلوبهم ... فزادهم ذو العرش خبلا على خبل
وأمكن منهم يوم بدر رسوله ... وقوما غضابا فعلهم أحسن الفعل
بأيديهم بيض خفاف عصوا بها ... وقد حادثوها بالجلاء وبالصّقل