بمعنى سترة إيواء الله إياه. ويقال ضمّه البيت والليل، وقيل جنّة بظلاله ودخل فيه» .
قال الإمام الرازي: «ويحتمل أن يكون الضمير في «عندها» على هذه القراءة عائدا إلى النّزلة، أي عند النّزلة جنّ محمدا المأوى، أي ستره، والصحيح أنه عائد إلى، السّدرة» .
اللباب: «وهذا قول الجمهور، وقد أنكرت عائشة رضي الله تعالى عنها هذه القراءة، وتبعها جماعة وقالوا: «أجنّ الله من قرأها» . فإذا ثبتت قراءة عن مثل هؤلاء فلا سبيل إلى ردها.
ولكن استعمل إنما هو «أجنّه» رباعيا، فإن استعمل ثلاثيا تعدّى «بعلى» ، كقوله تعالى:
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ الأنعام: ٧٦] . وقال أبو البقاء: هو شاذّ والمستعمل: أجنّه» .
العشرون: في الكلام على قوله تعالى: إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى [النجم: ١٦] .
ابن القيم: «لما ذكر سبحانه رؤية محمد صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام عند سدرة المنتهى، استطرد منها وذكر أن جنّة المأوى عندها وأنه يغشاها من أمره وخلقه ما يغشى، وهذا من أحسن الاستطراد، وهو أسلوب لطيف جدا في القرآن» .
اللباب: «إذ» منصوب يراه.
الإمام: «العامل في «إذ» ما قبلها أو ما بعدها، فيه وجهان. فإن قلنا ما قبلها ففيه احتمالان: أظهرهما رآه أي رأى وقت ما يغشى السّدرة الذي يغشى. والاحتمال الثاني العامل فيه الفعل الذي في النزلة أي رآه نزلة أخرى، تلك النزلة وقت ما يغشى السدرة ما يغشى، أي نزوله لم يكن إلا بعد ما ظهرت العجائب عند السّدرة وغشيها ما غشيها، فحينئذ نزل محمد نزلة، إشارة أنه لم يرجع من غير فائدة. وإن قلنا العامل فيه ما بعدها فالعامل: ما زاغ البصر، أي ما زاغ بصره وقت غشيان السدرة ما غشيها.
واختلفوا فيما يغشى السدرة فقيل فراش أو جراد من ذهب وهو قول ابن عباس وابن مسعود والضّحّاك. قال القرطبي:
ورواه ابن مسعود وابن عباس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت السّدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكا يسبح الله تعالى» .
قلت وقول الإمام: «إن هذا ضعيف، لأن ذلك لا يثبت إلا بدليل سمعي، فإن صحّ فيه خبر وإلا فلا وجه له قصور شديد، فإن الحديث في صحيح مسلم وغيره. ومثله لا يقال بالرأي.
وقيل: ملائكة يغشونها كأنهم طيور يرتقون إليها متشوّقين متبرّكين بها زائرين كما يزور الناس الكعبة، وقيل يغشاها أنوار الله تعالى لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى السّدرة تجلى لها ربه تبارك وتعالى كما تجلى للجبل، فظهرت الأنوار، ولكن السّدرة كانت أقوى من الجبل وأثبت، فجعل الجبل دكّا، ولم تتحرك الشجرة وخرّ موسى صعقاً، ولم يتزلزل محمد صلى الله عليه وسلم» .