عبد المطلب، قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد مصعب بن عمير اللّواء فقتل مصعب، فأخذه ملك في صورة مصعب
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقدّم يا مصعب» .
فالتفت إليه الملك فقال: لست بمصعب، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ملك أيّد به.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف: حدّثنا زيد بن الحباب عن موسى بن عبيدة: حدثني محمد بن ثابت إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال يوم أحد: أقدم يا مصعب، فقال له عبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله ألم يقتل مصعب؟ قال: «بلى، ولكن ملك قام مكانه، وتسمّى باسمه» [ (١) ] .
وروى ابن عساكر عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لقد رأيتني أرمي بالسهم يوم أحد فيردّه عليّ رجل أبيض حسن الوجه لا أعرفه، حتى كان بعد فظننت أنّه ملك.
وروى ابن إسحاق والبيهقي وابن عساكر عن عبد الله بن عون عن عمير بن إسحاق قال: لما كان يوم أحد انكشفوا عن رسول الله وسعد يرمي بين يديه، وفتى ينبّل له، كلما ذهب نبله أتاه بها، قال: ارم أبا إسحاق، فلما فرغوا نظروا من الشّابّ فلم يروه، ولم يعرف.
وروى البيهقي عن عروة في قوله تعالى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ [آل عمران ١٥٢] قال: كان الله تعالى وعدهم على الصّبر والتّقوى أن يمدّهم بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين، وكان قد فعل، فلما عصوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوا مصافّهم، وتركت الرّماة عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألّا يبرحوا من منازلهم، وأرادوا الدّنيا، رفع عنهم مدد الملائكة، وأنزل الله تعالى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ فصدق الله وعده وأراهم الفتح، فلما عصوا أعقبهم البلاء.
[ذكر رجوع بعض المسلمين بعد توليهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم]
روى ابن المنذر عن كليب بن شهاب قال: خطبنا عمر فكان يقرأ على المنبر آل عمران ويقول: إنها أحديّة فلما انتهى إلى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ [آل عمران ١٥٥] قال: لما كان يوم أحد هزمنا ونفرت، حتى صعدت في الجبل، فلقد رأيتني أنزو كأنّني أروي، فسمعت يهوديّا يقول: قتل محمد، فقلت: لا أسمع أحدا يقول: قتل محمد إلّا ضربت عنقه، فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يتراجعون إليه.
قال ابن إسحاق: وكان أول من أقبل من المسلمين بعد التّولية قيس بن محرّث، ويقال:
قيس بن الحارث بن عديّ بن جشم مع طائفة من الأنصار، فصادفوا المشركين فدخلوا
[ (١) ] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٤/ ٣٩٧.