للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثامن في تفضيلها على البلاد لحوله صلى الله عليه وسلم فيها]

نقل أبو الوليد الباجي والقاضي عياض وغيرهما الإجماع على تفضيل ما ضمّ الأعضاء الشريفة حتى على الكعبة كما قاله أبو اليمن بن عساكر في تحفته، وجزم بذلك أبو محمد عبد الله بن أبي عمر البسكري [ (١) ]- بموحدة مكسورة وقيل بفتحها وسين مهملة ساكنة فكاف مفتوحة وكسرها فراء، - رحمه الله.

جزم الجميع بأنّ خير الأرض ما ... قد حاط ذات المصطفى وحواها

ونعم لقد صدقوا بساكنها علت ... كالنّفس حين زكت زكا مأواها

بل نقل القاضي تاج الدين السبكي [ (٢) ] عن ابن عقيل [ (٣) ] الحنبلي أنها أفضل من العرش، وجزم بذلك أبو عبد الله محمد بن رزين البحيري الشافعي أحد السادة العلماء الأولياء فقال في قصيدته في الوفاة النبوية:

ولا شك أن القبر أشرف موضع ... من الأرض والسّبع السّموات طرّة

وأشرف من عرش المليك وليس في ... مقالي خلاف عند أهل الحقيقة

وصرّح التاج الفاكهي بتفضيلها على السموات، قال: بل الظاهر المتعيّن تفضيل جميع الأرض على السماء لحلوله صلى الله عليه وسلم بها، وحكاه الشيخ تاج الدين إمام الفاضلية عن الأكثرين


[ (١) ] البشكري: بكسر الباء المنقوطة بواحدة وسكون السين المهملة وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى بسكرة، وهي بلدة من بلاد المغرب، وقدم علينا فقيه فاضل سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة من هذه البلدة مرو عندنا وتوفي في هذه السنة وكان يذكر نسبته البسكري. الأنساب ١/ ٣٥٤.
[ (٢) ] عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام، العلامة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر بن الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أبي الحسن، الأنصاري، الخزرجي، السبكي. مولده بالقاهرة سنة سبع- بتقديم السين- وعشرين وسبعمائة، وقيل: سنة ثمان، وقرأ على الحافظ المزي، ولازم الذهبي وتخرج به، وطلب بنفسه، ودأب. قال الحافظ شهاب الدين بن حجي: أخبرني أن الشيخ شمس الدين بن النقيب أجازه بالإفتاء والتدريس، ولما مات ابن النقيب كان عمر القاضي تاج الدين ثماني عشرة سنة، وأفتى، ودرس وحدث وصنف، وأشغل، وناب عن أبيه بعد وفاة أخيه القاضي الحسين، ثم استقل بالقضاء بسؤال والده في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين، ثم عزل مدة لطيفة، ثم أعيد، ثم عزل بأخيه بهاء الدين، ومن تصانيفه «شرح مختصر ابن الحاجب» «رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب» . توفي شهيدا بالطاعون في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. انظر الطبقات لابن قاضي شهبة ٣/ ١٠٥، ١٠٦، والبداية والنهاية ١٤/ ٣١٦، والدرر الكامنة ٢/ ٤٢٥ والنجوم الزاهرة ١١/ ١٠٨، والبدر الطالع ١/ ٤١٠ وشذرات الذهب ٦/ ٢٢١، والأعلام ٤/ ٣٣٥.
[ (٣) ] علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري، أبو الوفاء، ويعرف بابن عقيل: عالم العراق وشيخ الحنابلة ببغداد في وقته. كان قويّ الحجة، اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته. وكان يعظم الحلاج، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدة سنين. ثم أظهر التوبة حتى تمكن من الظهور. له تصانيف أعظمها «كتاب الفنون» قال الذهبي في تاريخه: كتاب الفنون لم يصنف في الدنيا أكبر منه. وله «الواضح في الأصول و «الفرق» و «الفصول» في فقه الحنابلة، عشرة مجلدات، الأعلام ٤/ ٣١٣.