للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثاني في حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم وما وقع في ذلك من الآيات

روى البيهقي من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق رحمه الله تعالى قال: إن عبد المطلب أخذ بيد ابنة عبد الله فمرّ به فيما يزعمون على امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي فقالت له حين نظرت إلى وجهه أين تذهب يا عبد الله؟ فقال مع أبي.

فقالت لك عندي من الإبل مثل الذي نحرت عنك وقع عليّ الآن فقال لها: إني مع أبي لا أستطيع خلافه ولا فراقه ولا أريد أن أعصيه شيئاً. فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة ووهبٌ يومئذ سيّد بني زهرة نسباً وشرفاً فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف، وهي يومئذ أفضل امرأة من قريش نسباً وموضعاً. فذكروا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه، فوقع عليها عبد الله فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج فمرّ على تلك المرأة التي قالت له ما قالت فلم تقل شيئاً، فقال لها: ما لك لا تعرضين علي اليوم مثل الذي عرضت بالأمس؟ فقالت: فارقك النور الذي معك بالأمس فليس لي بك اليوم حاجة.

وكانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر في الجاهلية واتبع الكتب يقول: إنه لكائن في هذه الأمة نبي من بني إسماعيل. فقالت في ذلك شعراً واسمها أم قتّال:

الآن وقد ضيّعت ما كنت قادراً ... عليه وفارقك النّور الذي جاءني بكا

غدوت علينا حافلاً فلا قد بذلته ... هناك لغيري فالحقنّ بشأنكا

ولا تحسبني اليوم خلواً وليتني ... أصبت جنيناً منك يا عبد داركا

ولكنّ ذا كم صار في آل زهرةٍ ... به يدعم الله البريّة ناسكا

وقالت أيضاً:

عليك بآل زهرة حيث كانوا ... وآمنةً التي حملت غلاما

ترى المهديّ حين ترى عليها ... ونوراً قد تقدّمه أماما

فكلّ الخلق يرجوه جميعاً ... يسود النّاس مهتدياً إماما

براه الله من نورٍ صفاءً ... فأذهب نوره عنا الظّلاما

وذلك صنع ربّي إذ حماه ... إذا ما سار يوماً أو أقاما

فيهدي [ (١) ] أهل مكة بعد كفرٍ ... ويفرض بعد ذلكم الصّياما


[ (١) ] في أ: فهدى.