شهدها منهم أحد. قال: غاب الحدّ والجدّ، لو كان يوم علاء ورفعة، وفي لفظ: لو كان ذكرا وشرفا ما تخلّفوا عنه، يا معشر هوازن ارجعوا وافعلوا ما فعل هؤلاء، فأبوا عليه، قال: فمن شهدها منكم؟ قالوا: عمرو بن عامر وعوف بن عامر، قال: ذانك الجذعان من بني عامر لا ينفعان ولا يضرّان، قال مالك لدريد: هل من رأي غير هذا فيما قد حضر من أمر القوم؟ قال دريد: نعم تجعل كمينا، يكونون لك عونا، إن حمل القوم عليك جاءهم الكمين من خلفهم، وكررت أنت بمن معك، وإن كانت الحملة لك لم يفلت من القوم أحد، فذلك حين أمر مالك أصحابه أن يكونوا كمينا في الشعاب وبطون الأودية، فحملوا الحملة الأولى التي انهزم فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- قال دريد- من مقدّمة أصحاب محمد؟ قالوا: بني سليم، قال: هذه عادة لهم غير مستنكرة، فليت بعيري ينحى من سنن خيلهم، فنحيّ، بعيره مولّيا من حيث جاء.
ذكر استعماله- صلّى الله عليه وسلم- عتاب بن أسيد أميرا على مكة ومعاذ بن جبل- رضي الله عنهما- معلما لأهلها
قالوا: لما بلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خبر هوازن وما عزموا عليه أراد التّوجّه لقتالهم، واستخلف عتاب بن أسيد أميرا على أهل مكة، ومعاذ بن جبل يعلمهم السّنن والفقه، وكان عمر عتّاب إذ ذاك قريباً من عشرين سنة.
ذكر استعارته- صلى الله عليه وسلّم- أدرعا من صفوان بن أمية
روى ابن إسحاق من رواية يونس بن بكير عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- وعن عمرو بن شعيب وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم والزهري: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- لما أجمع السّير إلى هوازن ذكر له أن عند صفوان بن أمية أدرعا وسلاحا، فأرسل إليه- وهو يومئذ مشرك- فقال:[يا أبا أميّة أعرنا سلاحك هذا نلقى فيه عدوّنا] فقال صفوان:
أغصبا يا محمد؟ قال:«لا بل عارية مضمونة حتّى نردّها إليك» قال: ليس بهذا بأس، فأعطى له مائة درع بما يكفيها من السلاح، فسأله رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يكفيهم حملها، فحملها إلى أوطاس. ورواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن أمية بن صفوان،
وسيأتي في أبواب معاملاته- صلى الله عليه وسلّم- ويقال أنه- صلى الله عليه وسلّم- استعار منه أربعمّائة درع بما يصلحها.
قال السّهيلي: واستعار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في غزوة حنين من نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب ثلاثة آلاف رمح، فقال- صلى الله عليه وسلّم- كأني أنظر إلى رماحك هذه تقصف ظهر المشركين.