[الباب السابع والعشرون في وفود جرم إليه صلى الله عليه وسلم]
روى ابن سعد [ (١) ] عن سعد بن مرّة الجرميّ عن أبيه قال: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان منّا يقال لأحدهما الأصقع بن شريح بن صريم بن عمرو بن رياح، والآخر هوذة بن عمرو ابن يزيد بن عمرو بن رياح فأسلما. وكتب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا.
وروى أيضا عن عمرو بن سلمة بن قيس الجرميّ رضي الله تعالى عنه أن أباه ونفرا من قومه وفدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين أسلم الناس وتعلموا القرآن وقضوا حوائجهم. فقالوا له: من يصلّي بنا أولنا؟ فقال:«ليصلّ بكم أكثركم جمعا أو أخذا للقرآن» .
قال: فجاءوا إلى قومهم فسألوا فيهم فلم يجدوا أحدا أكثر وأجمع من القرآن أكثر مما جمعت أو أخذت. قال: «وأنا يومئذ غلام عليّ شملة، فقدّموني فصلّيت بهم، فما شهدت مجمعا من جرم إلا وأنا إمامهم إلى يومي هذا. قال: مسعر أحد رواته: وكان يصلي على جنائزهم ويؤمّهم في مسجدهم حتى مضى لسبيله.
وروى البخاري، وابن سعد، وابن منده عن عمرو بن سلمة رضي الله تعالى عنه قال:
كنا بحضرة ماء ممر الناس عليه، وكنا نسألهم ما هذا الأمر؟ فيقولون: رجل يزعم أنه نبي وأن الله أرسله وأن الله أوحى إليه كذا وكذا، فجعلت لا أسمع شيئا من ذلك إلا حفظته كأنما يغرى في صدري بغراء حتى جمعت فيه قرآنا كثيرا.
قال: وكانت العرب تلوّم بإسلامها الفتح: يقولون انظروا فإن ظهر عليهم فهو صادق وهو نبي. فلما جاءتنا وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، فانطلق بأبي بإسلام حوائنا ذلك وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقيم. قال: ثم أقبل فلما دنا منّا تلقّيناه، فلما رأيناه قال: جئتكم والله من عند رسول الله حقّا، ثم قال: إنه يأمركم بكذا وكذا وينهاكم عن كذا وكذا وأن تصلّوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا، وإذا حضرت الصلاة فليؤذّن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا. قال: فننظر أهل حوائنا فما وجدوا أحدا أكثر قرآنا مني الذي كنت أحفظه من الرّكبان. فدعوني فعلموني الركوع والسجود، وقدموني بين أيديهم، فكنت أصلّي بهم وأنا ابن ست سنين. قال: وكان عليّ بردة كنت إذا سجدت تقلّصت عنّي، فقالت امرأة من الحيّ: ألا تغطون عنّا است قارئكم؟ قال: فسكوني قميصا من معقد البحرين. قال: فما فرحت بشيء أشد من فرحي بذلك القميص.