من بني النضير- وهو بميم مضمومة فخاء معجمة مفتوحة فتحتية ساكنة فراء فتحتية فقاف- ذكر محمد بن عمر الأسلميّ أنه أسلم، ويقال أنه من بني قينقاع ويقال من بني ثعلبة بن الفطيون وكان عالما من أحبار يهود، وكان يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته وما يجد في علمه وغلب عليه إلف دينه، فلما كان يوم السبت قال: والله يا معشر يهود، إنكم لتعلمون أنّ نصر محمد عليكم لحقّ، قالوا: اليوم يوم السبت قال: لا سبت لكم، ثم عهد إلى من وراءه من قومه: إن قتلت هذا اليوم فأموالي إلى محمد يصنع فيها ما أراد، ثم أخذ سلاحه، فخرج، فلما اقتتل النّاس قاتل حتى قتل،
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«مخيريق خير يهود» .
وروى الزبير بن بكّار عن ابن شهاب مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«مخيريق سابق يهود، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة» ،
وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمواله، وهي سبع خرائط، يأتي ذكرها في ذكر صدقاته صلى الله عليه وسلم
[ (١) ] .
[ذكر مقتل الأصيرم عمرو بن ثابت بن وقش]
ويقال: أقيش. روى ابن إسحاق عن محمود بن لبيد وأبو داود والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنهما: أن الأصيرم كان يأبى الإسلام على قومه، زاد الحاكم كان له رئي في الجاهلية، فكان يمنع ذلك الرّئيّ من الإسلام حتى يأخذه، فجاء ذات يوم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأحد فقال: أين سعد بن معاذ؟ فقيل: بأحد، فقال: أين بنو أخيه؟ قيل: بأحد، فسأل عن قومه فقيل: بأحد، فبدا له في الإسلام فأسلم، وأخذ سيفه ورمحه وأخذ لأمته وركب فرسه فعدا حتى دخل في عرض الناس، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عمرو، قال: أني قد آمنت. فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فبينا رجال من بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا: والله إن هذا للأصيرم، ما جاء به؟ لقد تركناه وإنه منكر لهذا الحديث، فسألوه: ما جاء بك؟ أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلم، وأسلمت ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قاتلت حتى أصابني ما أصابني، وإن متّ فأموالي إلى محمد يضعها حيث شاء- ولفظ أبي هريرة فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخيه: سله: حميّة لقومه أو غضبا لله ورسوله؟ فقال: بل غضبا لله ورسوله، انتهى. ثم لم يلبث أن مات في أيديهم،
فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنه من أهل الجنة.
[ (١) ] أخرجه ابن سعد في الطبقات ١/ ٢/ ١٨٣ وأبو نعيم في الدلائل ١/ ١٨ بلفظ «خبر يهود» .