للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليك، قال فقال: صراع، فأجال رجله على دابته، وأجلت رجلي على دابتي، وعقلت دابّتي وسلاحي إلى شجرة، وعقل دابته وسلاحه إلى شجرة، ثمّ تواثبنا، فلم أنشب أن رزقني الله- تعالى- الظّفر عليه، فإذا أنا على صدره، فو الله إني لمن أهمّ الناس من رجل متأبط قد هممت أن أقوم فآخذ سيفي، ويقوم فيأخذ سيفه، وإنّا بين عسكرين لا آمن أن يهجم على أحدهما، إذا بشيء مسّ رأسي، فإذا نحن قد تعالجنا، حتّى بلغنا سلاح مسعدة فضربت بيدي إلى سيفه، فلمّا رأى أنّ السّيف وقع بيدي قال: يا أبا قتادة، استحيني، قلت: لا، والله أو ترد أمّك الهاوية.

قال: فمن للصّبية؟ قلت: النّار. قال: ثمّ قتلته وأدرجته في بردي، ثم أخذت ثيابه فلبستها، ثم أخذت سلاحه، ثم استويت على فرسه، وكانت فرسي نفرت حين تعالجنا فرجعت إلى العسكر، قال: فعرقبوها.

قال: ثم مضيت على وجهي فلم أنشب أنا حتى أشرفت على ابن أخيه وهو في سبعة عشر فارسا، قال فألحت إليهم فوقفوا، فلمّا أن دنوت منهم حملت عليهم حملة وطعنت ابن أخيه طعنة دققت عنقه، وانكشف من كان معه. وحبست اللّقاح برمحي [ (١) ] .

ذكر خروج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لطلب العدو

قال محمد بن عمر، وابن سعد:

خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- غداة الأربعاء راكبا مقنعّا في الحديد.

قال ابن هشام: واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم.

قال: وخلف سعد بن عبادة- رضي الله عنه- في ثلاثمائة من قومه يحرسون المدينة.

قال ابن إسحاق: ولمّا مر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- والمسلمون بحبيب مسجّى ببرد أبي قتادة استرجعوا، وقالوا: قتل أبو قتادة، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «ليس بأبي قتادة، ولكنّه قتيل لأبي قتادة، وضع عليه برده لتعرفوا أنّه صاحبه»

[ (٢) ] .

قال ابن سعد قال سلمة لحقنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والخيول عشاء قال أبو قتادة- رضي الله عنه- في حديثه السّابق: وأقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومن معه من أصحابه، فلمّا نظر إليهم العسكر فروا قال: فلما انتهوا إلى موضع المعسكر إذا بفرس أبي قتادة قد عرقبت

فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله!! قد عرقبت فرس أبي قتادة، قال: فوقف عليها رسول الله- صلى الله عليه وسلّم فقال:

«ويح أمك، ربّ عدو لك في الحرب» مرتين. ثم أقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وأصحابه حتّى إذا


[ (١) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٤/ ١٩١.
[ (٢) ] أخرجه الطبراني في الكبير ٧/ ٣١ وانظر المجمع ٦/ ١٤٣ والبداية والنهاية ٤/ ١٥١.