حرم مكة: ما أحاط بها وأطاف بها من جوانبها، جعل الله تعالى لها حكمها في الحرمة تشريفاً لها. قال الإمام النووي- رحمه الله تعالى- في الأيضاًح: وحده من طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت نفار على ثلاثة أميال من مكة، ومن طريق اليمن طرف أضاة لبن في ثنية لبن على سبعة أميال. ومن طريق العراق على ثنية جبل بالمقطّع على سبعة أميال. ومن طريق الجعرانة في- شعب آل عبد الله بن خالد على تسعة أميال بمثناة فوقية فسين مهملة. وليس في الحدود تسعة بتاء فسين غير هذا الموضع.
ومن طريق الطائف على عرفات من بطن نمرة على سبعة أميال، ومن طريق جدة منقطع الأعشاش على عشرة أميال.
فهذا حد ما جعله الله تعالى حرماً لما اختص به من التحريم وباين بحكمه سائر البلاد وهكذا ذكر حدوده أبو الوليد الأزرقي في كتاب مكة وأصحابنا في كتب الفقه، ومنهم الماوردي في الأحكام السلطانية. إلا أن الأزرقي قال في حدّه من طريق الطائف: أحد عشر ميلاً. والجمهور قالوا: سبعة كما ذكرنا وقال في شفاء الغرام: وتبعه عليه الفاكهي وأبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن خردذابه [ (١) ] في كتابه «المسالك» ولا يعرف للأزرقي فيما قاله مخالف قبله ولا معاصر له ولا بعده غير الماوردي وصاحب المهذّب ومن تبعهما- رحمهم الله تعالى-.
وقد نظم ذلك بعضهم فقال:
وللحرم التحديد من أرض طيبة ... ثلاثة أميال إذا رمت إتقانه
وسبعة أميال عراق وطائف ... وجدّة عشر ثمّ تسع جعرّانه
ومن يمن سبع بتقديم سينها ... لذلك سيل الحل لم يعد بنيانه
يعني أن سيل الحل لا يدخل الحرم، كما ذكره جماعة. قال الأزرقي: إلا من موضع واحد عند التّنعيم.
التّنعيم بفتح المثناة الفوقية وسكون النون وكسر العين المهملة بعدها مثناة تحتية، وهو من الحلّ.
[ (١) ] عبيد الله بن أحمد بن خرداذبه، أبو القاسم: مؤرخ جغرافي، فارسي الأصل. من أهل بغداد. كان جده خرداذبه مجوسيا أسلم على يد البرامكة. واتصل عبيد الله بالمعتمد العباسي، فولاه البريد والخبر بنواحي الجبل، وجعله من ندمائه. له تصانيف، منها «المسالك والممالك» و «جمهرة أنساب الفرس» و «اللهو والملاهي» و «الشراب» و «الندماء والجلساء» و «أدب السماع» . توفي سنة ٢٨٠ هـ. الأعلام ٤/ ١٩٠.