[الباب السادس في إخباره صلى الله عليه وسلم من قال في نفسه شعرا به]
روى البيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي يريد أن يأخذ مالي، فدعا أباه فهبط جبريل، فقال:
إن الشيخ قد قال في نفسه شيئا لم تسمعه أذناه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قلت في نفسك شيئا لم تسمعه أذناك؟» قال: لا يزال يزيدنا الله تعالى بك بصيرة ويقينا، نعم، قال: هات، فأنشأ يقول:
غذوتك مولودا ومنتك يافعا ... تعل بما أجني عليك وتنهل
إذا ليلة ضاقتك بالسقم لم أبت ... لسقمك إلا ساهرا أتململ
تخاف الردى نفسي عليك وإنها ... لتعلم أن الموت حتم موكل
كأني أنا المطروق دونك بالذي ... طرقت به دوني فعيناي تهمل
فلما بلغت السن والغاية التي ... إليك مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة ... كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق مودتي ... فعلت كما الجار المجاور يفعل
فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ بتأنيب ابنه وقال: «أنت ومالك لأبيك» .
[الباب السابع في إخباره صلى الله عليه وسلم بالشاة التي أخذت بغير إذن أهلها]
روى الإمام أحمد برجال الصحيح عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر وأصحابه بامرأة فذبحت لهم شاة واتخذت لهم طعاما، فلما رجع، قالت: يا رسول الله إنا ذبحنا لكم شاة، واتخذنا لكم طعاما، فادخلوا فكلوا فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكانوا لا يبدءون حتى يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم لقمة، فلم يستطع أن يسيغها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذه ذبحت بغير إذن أهلها» ،
فقالت المرأة: يا رسول الله، إنا لا نحتشم من آل معاذ، نأخذ منهم ويأخذون منا، في لفظ: إنا لا نحتشم من آل فلان ولا يحتشمون منا، نأخذ منهم، ويأخذون منا،
وروى الطبراني عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار قوما من الأنصار في دارهم فذبحوا له شاة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من اللحم شيئا ليأكله، فمضغه ساعة لا يسيغه فقال: «ما شأن هذا اللحم؟» قالوا: شاة لفلان ذبحناها حتى يجيء نرضيه من ثمنها، فقال: «أعطوها الأسارى» .