وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث الليث به، ومن طريق يونس ومعمر عن الزهري كما علقه البخاري عنهما، وقد رمزنا في الحواشي على زيادات مسلم ورواياته ولله الحمد وانتهى سياقه إلى قول ورقة: أنصرك نصرا مؤزرا.
فقول أم المؤمنين عائشة أول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، يقوي ما ذكره
محمد بن إسحاق بن يسار عن عبيد بن عمر الليثي إن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: «فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب. فقال: اقرأ، فقلت ما أقرأ؟ فغطني، حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني»
وذكر نحو حديث عائشة سواء، فكان هذا كالتوطئة لما يأتي بعده من اليقظة، وقد جاء مصرّحا بهذا في مغازي موسى بن عقبة عن الزهري أنه رأى ذلك في المنام ثم جاءه الملك في اليقظة.
وقد قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتابه دلائل النبوة: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا جناب بن الحارث حدثنا عبد الله بن الأجلح عن إبراهيم عن علقمة بن قيس. قال: إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم ثم ينزل الوحي بعد وهذا من قبل علقمة بن قيس نفسه وهو كلام حسن يؤيده ما قبله ويؤيده ما بعده.
في أطوار دعوته- صلى الله عليه وسلم-
وقد مرت بثلاثة مراحل:
[المرحلة الفردية:]
وقد آمن في هذه المرحلة زوجه وابن عمه علي، وزيد مولاه ثم دعا الرسول أبا بكر، وكانت له به صلة فآمن به، وعن طريق أبي بكر أسلم السابقون الأولون، عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وأبو عبيدة بن الجراح والأرقم بن أبي الأرقم، الذي اتخذت داره لتكون مقرا للدعوة السرية للدين الجديد، ودخل مع هؤلاء مجموعة من الموالي والفقراء، وقد استمرت هذه الدعوة ثلاث سنوات.
[دعوة بني عبد المطلب]
وهي المرحلة التي تلت المرحلة الأولى، وكانت تنفيذا لقول الله تعالى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (الشعراء ٢١٤) .
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب ليجتمعوا به، فلما حضروا قال لهم: أني ما أعلم