[الباب الثاني في إخبار الأحبار والرهبان والكهان بمبعث حبيب الرحمن صلى الله عليه وسلم]
قد تقدم في الباب التاسع أوائل الكتاب كثير من ذلك. وأذكر هنا ما لم أذكره هناك.
قال ابن إسحاق رحمه اللَّه تعالى: وكانت الأحبار من يهود والرهبان من النصارى والكهان من العرب قد تحدثوا بأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه، لما تقارب زمانه. أما الأحبار والرهبان فعما وجدوا في كتبهم من صفته وصفة زمانه وما كان عهد إليهم أنبياؤهم فيه. وأما الكهان فأتتهم به الشياطين من الجن، فيما يسترقون من السمع إذا كانت وهي لا تحجب عن ذلك بالقذف بالنجوم، وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يقع منهما ذكر بعض أمور ولا تلقي العرب لذلك بالا حتى بعثه اللَّه تعالى ووقعت تلك الأمور التي كانوا يذكرون فعرفوها.
[ذكر خبر زيد بن عمرو بن نفيل]
ابن عبد العزى [ابن عبد الله] بن قرط بن رباح بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، وورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزيز بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، وعبيد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أنس بن خزيمة، وكانت أمه أميمة بنت عبد المطلب، وعثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن قرط بن رباح.
قال ابن إسحاق:
واجتمعت قريش في عيد لهم عند صنم من أصنامهم. قال محمد بن عمر الأسلمي:
وهو بوانة، كانوا يعظمونه وينحرون له ويعكفون عنده ويديرون به، وكان ذلك عيدا لهم في كل سنة يوما، فخلص منهم هؤلاء الأربعة نجيا، ثم قال بعضهم لبعض: تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض. قالوا: أجل. فقال بعضهم لبعض: تعلموا واللَّه ما قومكم على شيء، لقد أخطئوا دين أبيهم إبراهيم، ما حجر نُطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع؟! يا قوم التمسوا لأنفسكم فإنكم واللَّه ما أنتم على شيء.
فتفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم.
فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية واتبع الكتب من أهلها حتى علم علما من أهل الكتاب.
وأما عبيد الله بن جحش فأقام على ما هو عليه من الالتباس. حتى أسلم ثم هاجر مع المسلمين إلى الحبشة ومعه امرأته أم حبيبة ابنة أبي سفيان مسلمة فلما قدمها تنصر وفارق