للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام حتى هلك نصرانيا. وكان يمر بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم بالحبشة فيقول: فقحنا وصأصأتم. أي أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر لم تبصروا بعد. وذلك أن ولد الكلب إذا أراد أن يفتح عينيه للنظر صأصأ لينظر.

وأما عثمان بن الحويرث فقدم على قيصر ملك الروم فتنصر وحسنت منزلته عنده.

وأما زيد بن عمرو بن نفيل فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية وفارق دين قومه فاعتزل الأوثان والميتة والدم والذبائح التي تذبح على الأوثان ونهى عن قتل الموءودة وقال:

أعبد رب إبراهيم وبادى قومه بعيب ما هم عليه.

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي اللَّه تعالى عنهما قالت: رأيت زيد بن عمرو شيخا كبيرا مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول: يا معشر قريش والذي نفس زيد بن عمرو بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري. ثم يقول: اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك عبدتك به ولكني لا أعلمه. ثم يسجد على راحلته. وكان يحيى الموءودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها أنا أكفيك مؤنتها فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤنتها.

رواه ابن إسحاق والنسائي وأبو بكر بن أبي داود وعلقه البخاري جازما به [ (١) ] .

وروى البخاري والبيهقي من طريق موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقى زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل عليه الوحي فقدمت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل منها ثم قال لزيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا ما ذكر اسم اللَّه عليه. وإن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول: الشاة خلقها اللَّه تعالى وأنزل لها من السماء الماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم اللَّه تعالى! إنكارا لذلك وإعظاما له [ (٢) ] .

وروى البخاري في المناقب وفي الذبائح من صحيحه والإسماعيلي والزبير بن بكار والفاكهي عن ابن عمر، إن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويبتغيه.

وفي لفظ: ويتبعه. فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم فقال: إني لعلى أن أدين دينكم.

فأخبرني. فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب اللَّه. فقال زيد: ما أفر إلا من غضب اللَّه ولا أحمل من غضب اللَّه شيئاً أبدا وأنا أستطيعه، فهل تدلني على غيره؟ قال: ما


[ (١) ] أخرجه البخاري ٧/ ١٧٦ كتاب مناقب الأنصار.
[ (٢) ] أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار ٧/ ١٧٦ (٣٨٢٦) .