للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المجلد التاسع]

بسم الله الرحمن الرحيم

جماع أبواب سيرته- صلّى الله عليه وسلم- في المعاملات وما يلتحق بها

الباب الأول في الكلام على النقود التي كانت تستعمل في زمانه- صلى الله عليه وسلم-

قال الإمام أبو سليمان أحمد بن الخطابي- رحمه الله تعالى-: كان أهل المدينة يتعاملون بالدرهم عددا وقت مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل عليه قول عائشة- رضي الله عنها- في قصة شرائها بريرة إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة فقلت تريد الدراهم [ (١) ] التي هي ثمنها فأرشدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم- إلى الوزن وجعل العيار وزن أهل مكة، وكان الوزن الجاري بينهم في الدرهم ستّة دوانق وهو درهم الإسلام في جميع البلدان، وكانت الدراهم قبل الإسلام مختلفة الأوزان في البلدان، فمنها البغليّ، وهو ثمانية دوانق، والطّبريّ وهو أربعة دوانق، وكانوا يستعملونها (مناصفة) [ (٢) ] مائة بغليّة ومائة طبريّة، فكان في المائتين منها خمسة دراهم زكاة، فلما كان زمن بني أمية، قالوا إن ضربنا البغليّة ظنّ الناس أنها التي تعتبر للزكاة ضد الفقراء، وإن ضربنا الطبريّة، ضرّ أرباب الأموال، فجمعوا الدراهم البغلي والطبريّ وجعلوهما درهمين، كلّ درهم ستة دوانق، وأما الدنانير: فكانت تحمل إليهم من بلاد الروم فلما أراد عبد الملك بن مروان ضرب الدنانير والدراهم سأل عن أوزان الجاهلية فأجمعوا له على أن المثقال ثمان وعشرون قيراطا إلا حبّة بالشامي وأن كل عشرة من الدراهم سبعة مثاقيل فضربها. انتهى كلام الخطابي.

قال الماوردي (في الأحكام السلطانية) : استقر في الإسلام وزن الدرهم ستة دوانق، كل عشرة سبعة مثاقيل، واختلف في سبب استقرارها على هذا الوزن، فقيل كانت في الفرس ثلاثة أوزان، منها درهم على وزن المثقال عشرون قيراطا، ودرهم اثنا عشر، ودرهم عشرة فلما احتيج في الإسلام إلى تقدير، أخذ الوسط من جميع الأوزان الثلاثة، وهو اثنان وأربعون قيراطا من قيراط المثقال وقيل: أن عمر بن الخطاب رأى الدراهم مختلفة، منها البغليّ ثمانية دوانق، والطّبريّ أربعة دوانق، واليمنيّ دانق واحد، فقال: انظروا أغلب ما يتعامل الناس به من أعلاها وأدناها، فكان البغلي والطبري، فجمعهما فكانا اثني عشر دانقا، فأخذ نصفهما، فكان ستّة


[ (١) ] انظر معالم السنن ٣/ ٦١ وما بعدها.
[ (٢) ] سقط في ج.