الباب التسعون في قدوم نافع بن زيد الحميري عليه زاده الله تعالى فضلاً وشرفاً لديه.
ذكر ابن شاهين نافع بن زيد الحميري في الصحابة، وأخرج من طريق زكريا بن يحيى ابن سعيد الحميري عن إياس بن عمرو الحميري أن نافع بن زيد الحميري قدم وافدا على النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من حمير، فقالوا: أتيناك لنتفقّه في الدين ونسأل عن أول هذا الأمر، قال:
«كان الله ولا شيء غيره، وكان عرشه على الماء، ثم خلق القلم فقال: اكتب ما هو كائن، ثم خلق السموات والأرض وما بينهما، واستوى على عرشه» .
[الباب الحادي والتسعون في وفود علماء نجران إليه صلى الله عليه وسلم وشهادتهم له بأنه النبي الذي كانوا ينتظرونه وامتناع من امتنع عن ملاعنته.]
روى البيهقي عن يونس بن بكير [عن سلمة بن يسوع] عن أبيه عن جدّه- قال يونس وكان نصرانيا فأسلم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه: طس [النمل ١] إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [النمل ٣٠] ، يعني النمل، «بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران إن أسلمتم فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عباده العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام» .
فلما أتي الأسقف الكتاب وقرأه قطع به وذعرا شديدا، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة، وكان من همدان. ولم يكن أحد يدعى إذا نزلت معضلة إلا الأيهم وهو السيّد والعاقب. فدفع الأسقف كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل وقرأه، فقال الأسقف:
يا أبا مريم، ما رأيك؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة فما تؤمن أن يكون هذا هو ذاك الرجل، ليس لي في النّبوّة رأي، ولو كان أمرا من أمور الدنيا لأشرت عليك فيه برأي وجهدت لك. فقال له الأسقف: تنحّ فاجلس ناحية. فتنحّى شرحبيل فجلس ناحية.
فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له عبد الله بن شرحبيل وهو من ذي أصبح من حمير، فأقرأه الكتاب وسأله ما الرأي؟ فقال نحوا من قول شرحبيل بن وداعة. فقال له الأسقف: تنحّ فاجلس، فتنحّى فجلس ناحية. ثم بعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يدعى