للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثاني والثلاثون في إسلام الجن]

قد تقدم في أبواب البعثة استماعهم لقراءة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

قال الحافظ ابن كثير وابن حجر: وقول من قال إن وفودهم كان بعد رجوع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الطائف ليس صريحا في أولية قدوم بعضهم، والذي يظهر من سياق الحديث الذي فيه المبالغة في رمي الشهب لحراسة السماء عن استراق السمع دالّ على أن ذلك كان بعد المبعث، وإنزال الوحي إلى الأرض، فكشفوا عن ذلك إلى أن وقفوا على السبب فرجعوا إلى قومهم.

ولما انتشرت الدعوة وأسلم من أسلم قدموا فسمعوا فأسلموا وكان ذلك بين الهجرتين، ثم تعدّد مجيئهم حتى في المدينة انتهى.

وروى محمد بن عمر الأسلمي، وأبو نعيم، عن أبي جعفر رضي اللَّه عنه وعن آبائه قال: قدم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم الجنّ في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة.

قال ابن إسحاق وابن سعد وغيرهما: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الطائف راجعا إلى مكة حين يئس من خير ثقيف، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلّي فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم اللَّه تعالى.

قال ابن إسحاق: وهم فيما ذكر لي سبعة نفر من جن أهل نصيبين، فاستمعوا له فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا. فقصّ اللَّه تعالى خبرهم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

وَاذكر إِذْ صَرَفْنا أملنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ جن نصيبين أو جن نينوى، وكانوا سبعة أو تسعة، وكان صلى الله عليه وسلّم ببطن نخلة يصلي بأصحابه الفجر.

رواه الشيخان.

يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أي قال بعضهم لبعض: أَنْصِتُوا لاستماعه فَلَمَّا قُضِيَ فرغ من قراءته وَلَّوْا رجعوا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ مخوفين قومهم العذاب إن لم يؤمنوا وكانوا يهودا.

قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً هو القرآن أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ أي تقدّمه كالتوراة. يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ الإسلام وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ أي طريقة يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ اللَّه لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ [الأحقاف ٢٩: ٣١] أي بعضها لأن منها المظالم ولا تغفر إلا برضا أربابها.

الآيات.