للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الخامس في تحيّرهم في مدة مكث هذه الأمة لمّا سمعوا الحروف المقطعة في أوائل السور

قال ابن إسحاق- فيما ذكر لي عن عبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله بن رئاب- «أن أبا ياسر بن أخطب مر برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يتلو فاتحة البقرة الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة ١، ٢] ، فأتى أخاه حيي بن اخطب في رجال من يهود، فقال: تعلّموا، والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه: الم ذلِكَ الْكِتابُ فقالوا:

أنت سمعته؟ قال: نعم. فمشى حيي بن اخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: «يا محمد، ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أنزل عليك الم ذلِكَ الْكِتابُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بلى» . قالوا: «أجاءك بها جبريل من عند الله؟ قال: «نعم» . قالوا: «لقد بعث الله قبلك أنبياء أنبياء ما نعلمه بيّن لنبيّ منهم ما مدّة ملكه وما أجل أمّته غيرك» . فقام حيي بن اخطب، وأقبل على من معه فقال لهم: «الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة، أفتدخلون في دين [نبيّ] إنما مدة ملكه وأجل أمّته إحدى وسبعون سنة» ؟ ثم أقبل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا محمد هل مع هذا غيره» ؟ قال: «نعم» قال: ماذا؟ قال:

المص [الأعراف ١] قال: هذا أثقل وأطول: الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه إحدى وستون ومائة سنة، هل مع هذا يا محمد غيره» ؟ قال: «نعم» . [قال:

وما ذاك؟] قال: الر [يوسف: ١] قال: «هذه أثقل وأطول: الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان، فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة فهل مع هذا غيره يا محمد» ؟ قال: «نعم» المر [الرعد ١] . قال: «هذه والله أثقل وأطول: الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان، فهذه إحدى وسبعون ومائتا سنة» . ثم قال: «لقد لبّس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا» .

ثم قاموا عنه، فقال أبو ياسر لأخيه ولمن معه من الأحبار: «ما يدريكم لعلّه قد جمع هذا كله لمحمد: إحدى وسبعون [وإحدى وستون ومائة] ، وإحدى وثلاثون ومائتان، وإحدى وسبعون ومائتان، فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون» . فقالوا: لقد تشابه علينا أمره. فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ [آل عمران ٧] .

[قال ابن إسحاق] : «وقد سمعت من لا أتهم من أهل العلم يذكر أن هؤلاء الآيات أنزلت في أهل نجران حين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسألوه عن عيسى بن مريم. وقد حدثني