- صلى الله عليه وسلّم-: «صم ثلاثة أيام، أو تصدّق بفرق بين ستة مساكين أو انسك ما تيسّر لك» .
ولمّا بلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الجحفة أمر بشجرة فقمّ ما تحتها، فخطب الناس فقال:
«إني كائن لكم فرطا، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلّوا أبدا، كتاب الله وسنة نبيه» - صلى الله عليه وسلم-
[ (١) ]
ذكر بلوغ خبر خروج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى المشركين
روى الخرائطي في الهواتف عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لمّا توجّه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يريد مكة عام الحديبية، قدم عليه بشر- بكسر الموحدة والمعجمة- بن سفيان العتكي، فقال له: «يا بشر هل عندك علم أن أهل مكة علموا بمسيري؟»
فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني لأطوف بالبيت في ليلة كذا وقريش في أنديتها، إذ صرخ صارخ من أعلى جبل أبي قبيس- ليلة أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بالمسير بصوت أسمع أهل مكة:
هيوا لصاحبكم مثلي صحابته ... سيروا إليه وكونوا معشرا كرما
بعد الطّواف وبعد السّعي في مهل ... وأن يحوزهم من مكّة الحرما
شاهت وجوهكم من معشر تكل ... لا ينصرون إذا ما حاربوا صنما
فارتجت مكة، واجتمع المشركون، وتعاقدوا ألّا يدخل عليهم بمكة في عامهم هذا، فبلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
فقال: «هذا الهاتف سلفع. شيطان الأصنام يوشك أن يقتله الله- تعالى- أن شاء الله عز وجل»
فبينما هم كذلك إذ سمعوا من أعلى الجبل صوتا وهو يقول:
شاهت وجوه رجال حالفوا صنما ... وخاب سعيهم ما قصّر الهمما
إنّي قتلت عدوّ الله سلفعة ... شيطان أوثانكم سحقا لمن ظلما
وقد أتاكم رسول الله في نفر ... وكلّهم محرم لا يسفكون دما
قالوا: ولما بلغ المشركين خروج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- راعهم ذلك فاجتمعوا وتشاوروا فقالوا:
أيريد محمد أن يدخلها علينا في جنوده معتمرا فتسمع العرب أنّه قد دخل علينا عنوة، وبيننا وبينه من الحرب ما بيننا؟! والله لا كان هذا أبدا ومنّا عين تطرف.
ثم قدّموا خالد بن الوليد في مائتي فارس إلى كراع الغميم، واستنفروا من أطاعهم من الأحابيش، وأجلبت ثقيف معهم وخرجوا إلى بلدح، وضربوا بها القباب والأبنية، ومعهم النساء والصّبيان، فعسكروا هناك، وأجمعوا على منع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من دخول مكة ومحاربته، ووضعوا العيون على الجبال، وهم عشرة أنفس يوحي بعضهم إلى بعض الصوت الخفي فعل
[ (١) ] أخرجه البخاري ٤/ ١٢ (١٨١٤، ١٨١٥) ، ومسلم ٢/ ٨٦١ (٨٣/ ١٢٠١) .