للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تنبيهان:]

الأول: قد صح عن جماعة من الأئمة أنهم جربوا هذا الحديث فوجدوه صحيحاً.

الثاني: يذكر على بعض الألسنة أن فضيلته ما دام في محله، فإذا نقل تغيّر. قال في المقاصد الحسنة: وهذا شيء لا أصل له،

فقد كتب صلى الله عليه وسلّم إلى سهيل بن عمرو «إن جاءك كتابي ليلاً فلا تصبحّن أو نهاراً فلا تمسيّن حتى تبعث إليّ بماء زمزم» .

وفيه: أنه بعث له بمزادتين، وكان حينئذ بالمدينة قبل أن تفتح مكة، وهو حديث حسن لشواهده.

وروى الترمذي- وحسنه- وابن خزيمة في صحيحه والحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها حملت ماء زمزم في القوارير، وقالت: حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأداوي والقرب، وكان يصب منه على المرضى ويسقيهم.

وروى الطبراني عن حبيب ابن أبي ثابت [ (١) ] قال: سالت عطاء رحمه الله تعالى عن حمل ماء زمزم، فقال: قد حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمله الحسن [ (٢) ] وحمله الحسين [ (٣) ] ، رضي الله تعالى عنهما [ (٤) ] .

فائدة: يجوز نقل ماء زمزم باتفاق الأئمة الأربعة، بل هو مستحب عند الشافعية والمالكية، والفرق عند الشافعية بينه وبين حجارة الحرم في عدم جواز نقلها وجواز نقل ماء زمزم أن الماء ليس شيئاً يزول فلا يعود. أشار إلى هذا الفرق الإمام الشافعي [ (٥) ] كما حكاه عنه البيهقي.


[ (١) ] حبيب بن أبي ثابت: قيس، ويقال: هند بن دينار الأسدي، مولاهم، أبو يحيى الكوفي، ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس، من الثالثة، مات سنة تسع عشرة ومائة. التقريب ١/ ١٤٨.
[ (٢) ] الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته، وقد صحبه وحفظ عنه، مات شهيدا بالسّمّ، سنة تسع وأربعين وهو ابن سبع وأربعين، وقيل: بل مات سنة خمسين، وقيل: بعدها، التقريب ١/ ١٦٨.
[ (٣) ] الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المدني، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته، حفظ عنه، استشهد يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وله ست وخمسون سنة. التقريب ١/ ١٧٧.
[ (٤) ] ذكره الهيثمي في المجمع ٣/ ٢٩٠ وعزاه للطبراني في الكبير وقال: فيه من لم أعرفه.
[ (٥) ] محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد المطّلبي أبو عبد الله الشافعي الإمام العلم. عن مالك وإبراهيم بن سعد وابن عيينة ومحمد بن علي بن شافع وخلق. وعنه أبو بكر الحميدي وأحمد بن حنبل والبويطي وأبو ثور وحرملة وطائفة. حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، والموطأ وهو ابن عشر سنين. قال الربيع:
كان الشافعي يختم القرآن ستين مرة في صلاة رمضان. وقال بحر بن نصر: كنا إذا أردنا أن نبكي قلنا بعضنا لبعض:
قوموا بنا إلى هذا الفتى المطّلبي يقرأ القرآن، فإذا أتيناه استفتح القرآن حتى يتساقط الناس من بين يديه ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته. وقال ابن مهدي: كان الشافعي شابّا منهما. وقال أحمد: ستة أدعو لهم سحرا أحدهم الشافعي. وقال: إن الشافعي للناس كالشمس للعالم. وقال أبو عبيد: ما رأيت أعقل من الشافعي. انظر الخلاصة ٢/ ٣٧٧.