وروى الإمام أحمد وابن حبان عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوتيت مقاليد الدنيا على فرس أبلق، جاء به جبريل عليه قطيفة من سندس» .
وروى الطبراني بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا فقال: «يا جبريل، ما أمسى لآل محمد سفة من دقيق ولا كفة من سويق» ، فلم يكن كلامه بأسرع من أن سمع هذه من السماء، فأتاه إسرافيل فقال: إن الله سمع ما ذكرت فبعثني إليك بمفاتيح خزائن الأرض، وأمرني أن أعرض عليك أسير معك جبال تهامة زمردا وياقوتا وذهبا وفضة، فعلت: فإن شئت نبيا ملكا، وإن شئت نبيا عبدا فأومأ إليه جبريل أن تواضع فقال:«بل نبيا عبدا» .
وروى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لقد هبط علي ملك من السماء ما هبط على نبي قبلي، ولا يهبط على أحد بعدي وهو إسرافيل، فقال: أنا رسول ربك إليك، أمرني أن أخيرك، إن شئت نبيا عبدا، وإن شئت نبيا ملكا، فنظرت إلى جبريل، فأومأ إلي أن تواضع، فلو أني قلت: نبيا ملكا لسارت الجبال معي ذهبا» .
وسبقت أحاديث من هذا النمط في باب زهده صلى الله عليه وسلم وقال الإمام الخطابي: المراد بخزائن الأرض ما فتح على الأمة من الغنائم من ذخائر كسرى وقيصر وغيرهما، ويحتمل معادن الأرض التي فيها الذهب والفضة، وقيل: يحمل على ما سواهم من ذلك. قلت: وهو أظهر، والأحاديث تشعر به وقيل: المراد بمفاتيح خزائن الأرض بلادها التي ستفتح له ولأمته ويصل إليها دينه وشرعه فصار حكمه فيها كحكم الملك على ما تحت يده يتصرف فيها بأمر ربه تبارك وتعالى كيف أمره، وقيل: أراد الله تعالى تنبيهه على ذلك وإعلامه بأن دينه سيبلغ مشارق الأرض ومغاربها، وكذلك وقع، ولله الحمد على ذلك، وهذا معنى بديع يتعين اعتقاده وتكون الخصوصية له صلى الله عليه وسلم وهي أن بلاده التي تدخل في طاعته، وتصير تحت حكمه تسلم مفاتيحها في يده عطية من الله تبارك وتعالى، ولذلك أخبر أمته صلى الله عليه وسلم بفتح كثير من البلاد كما تقدم في المعجزات.
[الخامسة عشر بعد المائة:]
وبأنه صلى الله عليه وسلم جمع له بين النبوة والسلطان.
عد هذه الغزالي رحمه الله تعالى ونصه لأجل اجتماع النبوة والملك والسلطنة لنبينا صلى الله عليه وسلم كان أفضل من سائر الأنبياء، فإنه أكمل الله به صلاح الدين والدنيا ولم يكن السيف والملك لغيره من الأنبياء.
روى البيهقي عن قتادة رضي الله عنه في قوله تعالى: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ، وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً [الإسراء ٨٠] قال:
أخرجه من مكة مخرج صدق وأدخله المدينة مدخل صدق، قال: وعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا طاقة