للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب السابع والعشرون في عظم المصيبة وما نزل بالمسلمين بموته- صلى الله عليه وسلم- والظّلمة التي غشيت المدينة وتغير قلوب الناس وأحوالهم وبعض ما رثي به من الشعر

روى ابن ماجة عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: فتح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بابا بينه وبين الناس أو كشف سترا فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم ورجاء أن يخلفه الله فيهم بالذي رآهم فقال: يا أيها الناس أيّما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعزّ بمصيبته بيّ عن المصيبة التي تصيبه بغيري فإن أحدا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشدّ عليه من مصيبتي.

وروى ابن سعد وابن الجوزي عن عطاء مرسلا قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إذا أصابت أحدكم بمصيبة فليذكر مصابه بي، فإنّها من أعظم المصائب»

[ (١) ] .

وروى البيهقي عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت: يا لها من مصيبة ما أصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت، إذا ذكرنا مصيبتنا به- صلى الله عليه وسلم-.

وروى ابن سعد عن سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «سيعزّي الناس بعضهم بعضا من بعدي التعزية بي»

[ (٢) ] فكان الناس يقولون: ما هذا؟ فلما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لقى الناس بعضهم بعضا يعزّي بعضهم برسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

ورحم الله تعالى القائل:

اصبر لكلّ مصيبة وتجلّد ... واعلم بأنّ المرء غير مخلّد

واصبر كما صبر الكرام فإنّها ... نوب تنوب اليوم تكشف في غد

وإذا أتتك مصيبة تسجى بها ... فاذكر مصابك بالنّبيّ محمّد

وقال القائل:

تذكّرت لمّا فرّق الدّهر بيننا ... فعزّيت نفسي بالنّبيّ محمّد

وقلت لها إنّ المنايا سبيلنا ... فمن لم يمت في يومه مات في غد


[ (١) ] ابن سعد ٢/ ١١٠.
[ (٢) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٧/ ٢٦٧.