وعبّأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أصحابه للقتال، وصفّهم، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سهل بن حنيف- بضم الحاء المهملة وفتح النون، وسكون التحتية، وراية إلى عبّاد- بتشديد الموحدة، وبالدّال المهملة- ابن بشر.
ثم دعاهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم، وحقنوا دماءهم، وحسابهم على الله- تعالى.
فبرز رجل منهم، فبرز له الزبير بن العوام فقتله، ثم برز آخر، فبرز له الزّبير فقتله، ثم برز آخر، فبرز إليه علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه أبو دجانة فقتله، ثم برز آخر فبرز له أبو دجانة فقتله، حتى قتل منهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحد عشر رجلا كلّما قتل رجل دعا من بقي إلى الإسلام.
ولقد كانت الصّلاة تحضر يومئذ فيصلي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأصحابه، ثم يعود فيدعوهم إلى الله ورسوله، فقاتلهم حتى أمسوا، وغدا عليهم فلم ترتفع الشّمس حتى أعطوا بأيديهم، وفتحها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عنوة، وغنّمه الله- تعالى أموالهم، وأصابوا أثاثا ومتاعا كثيرا، وأقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بوادي القرى أربعة أيام، وقسم ما أصاب على أصحابه بوادي القرى، وترك الأرض والنخيل بأيدي يهود، وعاملهم عليها.
قال البلاذري: وولّاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عمرو بن سعيد بن العاص، وأقطع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جمرة- بالجيم- ابن هوذه- بفتح الهاء، والذّال المعجمة- العذريّ رمية بسوطه من وادي القرى.
[ذكر نومهم عن الصلاة حين انصرفوا من خيبر وما ظهر في ذلك الطريق من الآيات]
روى مسلم، وأبو داود عن أبي هريرة. وأبو داود عن ابن مسعود، وابن إسحاق عن سعيد بن المسيب، ومحمد بن عمر عن شيوخه قالوا: انصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من وادي القرى راجعا بعد أن فرغ من خيبر ووادي القرى، فلما كان قريبا من المدينة سرى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليلته حتى إذا كان قبيل الصّبح بقليل نزل وعرّس، وقال: ألا رجل صالح حافظ لعينه يحفظ علينا الفجر لعلنا ننام؟ قال بلال: يا رسول الله أنا أحفظه عليك، فنزل رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وقام بلال يصلّي ما شاء الله أن يصلّي. ثم استند إلى بعيره، واستقبل الفجر يرقبه، فغلبته عينه، فنام، فلم يستيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا أحد من أصحابه حتّى ضربتهم الشمس [ (١) ] .
[ (١) ] أخرجه مسلم ١/ ٤٧١ (٣٠٩/ ٦٨٠) ، وأبو داود في الصلاة باب (١١) والترمذي في التفسير، وابن ماجة في الصلاة (١٠) ومالك في الموطأ (٢٥) .